ندوب السعادة: أثر اللحظات الجميلة على الروح
سليمان الراشدي
عندما نتحدث عن الندوب، يتبادر إلى الذهن مباشرةً تلك العلامات التي تتركها الجراح على أجسادنا، نعتقد أنها تقتصر على الألم والخسارة، لكنها في الواقع أكثر من ذلك بكثير. في حياتنا، هناك نوع آخر من الندوب، ناعم وغير مرئي، تتركه لحظات السعادة في أعماق أرواحنا.
نحن نعيش هذه اللحظات السعيدة بكل شغف وحب، لكن مع مرور الزمن، تصبح هذه الذكريات جزءاً من ماضٍ لن يعود. ونكتشف أن ما كان يبهجنا ذات يوم، يمكن أن يصبح مصدراً للألم والحنين. نعيش على ذكريات تلك اللحظات، وفي كل مرة نسترجعها، نشعر بوخزٍ خفيف يشبه وخز الندوب. وكأن السعادة، مثل الألم، تترك أثراً لا يُمحى.
قد يبدو هذا المفهوم غريباً، لأننا نربط عادة السعادة بالبهجة والضحك، لكن الحقيقة هي أن تلك اللحظات تحمل في طياتها نهاية مؤلمة. نهايات تتجسد في الفراق، الفقدان، أو التغيير الذي يطرأ على حياتنا. نستذكر تلك الأوقات ونتساءل: هل كنا ندرك حينها أن هذه اللحظات ستتحول إلى ذكريات؟
ومع ذلك، لا ينبغي أن نخشى السعادة ولا أن نهرب منها، يجب أن نعيشها بعمق، متقبلين تلك الندوب التي تتركها، فهي جزء من تجاربنا، دليل على أننا عشنا بحبٍ وشغف.
ندوب السعادة ليست سوى علامة على أن الحياة قد منحتنا لحظات تستحق التذكر، حتى وإن كانت تحمل في طياتها بعض الألم.
في النهاية، الندوب ليست دليلاً على الألم فحسب، بل هي أيضاً دليل على القوة. قوة الاستمرار في الحياة رغم كل شيء، وقوة الاحتفاظ بذكرياتنا الجميلة حتى وإن كانت تؤلمنا في بعض الأحيان. ربما لا نمتلك القدرة على تغيير ما مضى، لكن بإمكاننا أن نتعلم من تلك الندوب، وأن نستمر في السعي نحو السعادة دون خوف من أثرها.
ندوب السعادة هي انعكاس لحياة عشناها بعمق، وهي تذكير دائم بأننا كنا في يومٍ من الأيام سعداء، وأن السعادة تستحق دائماً أن نعيشها، حتى وإن تركت أثراً في نفوسنا.