الوقت المثالي لتحقيق ما تريد
إبراهيم بن علي الشيزاوي
في الفترة القصيرة الماضية، قرأتُ العديد من الكتب المهتمّة بحقل التطوير الشخصيّ والتحسين المستمر لدى الأفراد، ومما لاحظت أن أفكار المؤلفين اختلفت في المسارات المؤدية إلى صناعة النجاح والشخص الناجح، فكلٌ له وجهة نظرٍ مستقلّة استُنبِطت من دراسات علمية وتجارب شخصية، إلا أن الجميع قد اتفق على أن السبب الرئيسي للفشل هو عدم المحاولة – أساساً – بسبب انتظار الوقت المثالي للبدء.
الوقت المثالي كالسراب يزداد بُعداً كلما حاولتَ الاقترابَ منه؛ إذ لا سبيل للوصول إليه أبداً، فالحياة بطبعها لا تخلو من أحداث مؤلمة، وظروف غامضة، ومزاجٍ سيئ؛ لذا فإن انتظار الوقت الذي سيكون خالياً من أيٍّ من تلك هو انتظار المستحيل الذي لا وجود له في هذه الحياة، ومثلما قال أبو الحسن التهامي:
وإذا رجوت المستحيل فإنما
تبني الرجاءَ على شفيرٍ هارِ
إن هذا الوقت الذي تتنفس هواءه وتستنشق عبيره هو الوقت المثالي لبداية العمل نحو تحقيق الأمل المرجوّ، نعم هذا الوقت المناسب بكل ما فيه من أسباب ترى أنها معوقات، وفي الحقيقة إنها ليست معوقات حقيقية بل وهمية من صنع العقل الباطن الذي تغذى على فكرة الوقت المثالي في مدينة أفلاطون، فظل مكانهُ ينتظر ويسوِّف دون الوصولِ إلى أي نتيجة.
إن اللحظات المثالية والوقت المشؤوم أمران يُصنعانِ بداخل مختبرات العقل بمادة خامّ تُسمى بالمنظورات الفكرية، والتي تعني طريقة نظرك للأشياء أو الأحداث التي تحدث حولك، فعندما تهبّ الريح هنالك ربّان يتطاير فرحاً فيضبط أشرعتهُ ليصل إلى برّ الأمان، وهنالك مزارع متفائل يرى في الريحِ بذوراً تُنثر في بستانه {وأرسلنا الرياح لواقح} سورة الحجر من الآية ٢٢، وآخَر يرى في الريح طقساً سيئاً.
في المِحَن ينقسم الناس إلى فريقين: فريق يرى في المحنة منحة، وفريق آخر يرى في المحنة مصيبة معقدة ليس لها مخرج، الحدث واحد، الاختلاف فقط في طريقة التفكير.
الوقت المثالي نحن من يصنعه رغماً عن كل الظروف؛ لذلك كُن على ثقة أن ما لديك الآن كافٍ جداً لصنع بداية جيدة قابلة للتطور، فنحن لا نعاني من نقص الأدوات، بل من كيفية استغلالها بكفاءة، ولا تخشى من شبح البداية، فكل البدايات تولد صغيرة ثم تنمو وتكبر، وجُلّ الذين سمعنا عنهم أو ما زلنا نراهم ممن وصلوا إلى منصات الأضواء وأصبحوا محطّ الأنظار ومضرب الأمثال، كانت بداياتهم متواضعة.
كلُّ ما يتوجب عليك فعله أن تؤمن بقدراتك وتدرك أنك قادر على فعل ما تريد بعد توفيق الله سبحانه وتعالى، مع أخذ العمل الجاد بعين الاعتبار، فتحقيق الغايات مرتبطٌ بجدية العمل وليس بازدحام الامنيات.
لمحة:
لكل من يرى أن هذا الوقت شديد الصعوبة وكثير التحديات: أعد التفكير، وانظر من الزاوية الأخرى.