الصراعات النفسية الداخلية
حسناء غزالي
أخصائية نفسية إكلينيكية ومعالجة
في أعماق كل منا تحدث معارك لا ترى، صراعات داخلية تندلع داخل النفس، تلك الصراعات النفسية الداخلية تعد من أصعب بل ومن أعقد التحديات التي يمكن أن يواجهها الفرد. هي ليست حالة من اللا توازن العابر؛ بل هي تضاربات فكرية وعاطفية واختلالات سلوكية تحدد مسار حياتنا وتشكل جوهر قراراتنا وتتمظهر على شاكلة صعوبات نفسية و عقلية تعرقل تكيفنا مع العالم الخرجي.(سيرورة الحياة)
يدفعنا هذا التقديم، سواء كأناس تملكهم الفضول حول سبب الحالات اللا سوية للسلوك، أو كاخصائيين هدفهم فهم الأسباب الكامنة والدوافع الخفية وراء تلك الاضطرابات السيكولوجية، وهما نطرح سؤال جوهري “كيف تنشأ هذه الصراعات؟ ”
تنشأ هذه الصراعات من تضارب رغباتنا اللاواعية الدفينة وقوانين العالم الخارجي، وهي الصعوبة في الاختيار والتنفيس عن ما هو مرغوب في مقابل ما هو ممنوع داخل المجتمع. ومنها صدمات الطفولة التي صعب على الفرد مواجهتها والتصدي لها، هنا نجد الفرد ممزق بصخرة الواقع ونزيف دمائه ويعَبّر عنه بتلك السلوكات المرضية وأنماط التفكير غير السوية
ميكانيك الاشتغال النفسي، فيدفعنا للتأمل والتفكير العميق للذات والبنية النفسية لفهم هذه الصراعات النفسية وأسبابها الجذرية، فنستطيع أن نستكشف أعماق الآخر ونبدأ في رحلة البحث عن سبل تحقيق السلام الداخلي.
إنّ السلام الداخلي ليس مجرد هدف بسيط؛ بل هو ضرورة للصحة النفسية والعقلية، هو سلام يحققه توازن الفرد على المستوى السيكواجتماعي، يبدأ بالوعي و ينتهي بالتقبل و التجاوز وبين الأخيرين رحلة يخوضها الفرد..
في نهاية المطاف، الصراعات النفسية الداخلية هي جزء لا يتجزأ من الحياة الإنسانية. إنها تدفعنا للتنامي، وتعلمنا كيف نكون أكثر وعيا مع أنفسنا، ومع كل صراع نتجاوزه، نخطو خطوة أقرب إلى فهم أعمق لذواتنا وإلى تحقيق السلام الذي نسعى إليه.