2024
Adsense
مقالات صحفية

مُقدّر ومكتوب

أحمد بن خلفان الزعابي
‏zaabi2006@hotmail.com

كتب الله على بلادنا أن يمر عليها منخفض المطير خلال الفترة الماضية، وهو خيرًا بلا شك، وشاء المولى جل في علاه أن تتساقط الأمطار، وأن يفرح الناس وتبتهج بنزول الغيث، لكن شدة الأمطار وجريان الأودية الجارفة خلّف وراءه ما خلّف.

لا شك أن ما حدث خلال منخفض المطير الذي مرّ على بلادنا سلطنة عُمان ترك آثاراً وجروحاً مغروسة في النفوس؛ خاصة في نيابة سمد الشأن بولاية المضيبي بمحافظة شمال الشرقية، حيث حالات الوفاة التي وقعت للطلبة هناك، وحالات الوفاة الأخرى التي حدثت في المحافظات المتأثرة جراء السيول والأودية الجارفة، وفي هذه السانحة نقول لمن فقد عزيزاً؛ “عظّم الله أجركم في مصابكم، وربط الله على قلوبكم، وإنا لله وإنا إليه راجعون”.

كذلك خلّفت السيول والأودية الجارفة التلف في العديد من الممتلكات العامة والخاصة؛ لأن شدة الأمطار ترتب عليها حدوث فيضانات تجاوزت مجاري ومسارات الأودية، وهذا أولاً وآخراً أمر الله المقدّر والمكتوب على البلاد والعباد، ويقول الله تعالى: {وَكَانَ أمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا}-[الأحزاب الآية (38)]. وجاء في تفسير إبن كثير لهذه الآية، “وكان أمره الذي يقدّره كائنا لا محالة، وواقعا لا محيد عنه ولا مُعدّل، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن”؛ لذلك فإن أقدار الله كائنة ونحن مسلّمِين بها حامدين الله على ما قدر وكتب.

ومع أننا مؤمنون بأقدار المولى إلا أن ما حدث يُعطي مؤسسات الدولة المسؤولة المؤشرات التي لا بد لها من العمل عليها لتأمين سلامة الأرواح والممتلكات مستقبلاً؛ حيث أن هناك أسباباً كثيرة ساهمت في حدوث كل هذه النتائج والتي لسنا بصدد الإسهاب فيها في هذا المقال، إنما نعرّج عليها بغرض لفت النظر لا أكثر، وهي تحتاج بلا شك لعملٍ جاد من جانب الجهات المسؤولة حتى لا تتكرر المآسي والفقد والآلام والتلف في الممتلكات.

وهنا يتوجب على المؤسسات المعنية القيام بعمل جاد، نحو تقييم شامل للأضرار التي حدثت لأجل الوقوف على المسببات الرئيسية لما نتج من جراء جريان الأودية بشكل جارف، كذلك إجراء دراسة مستفيضة تتضمن المقترحات لمعاجلة المشكلات، ولا بد من ربط الحلول الهندسية بآراء الأهالي من أهل الحل والعقد وأصحاب الرأي ومن قاطني تلك الأماكن التي تمر خلالها الأودية؛ وذلك حتى يتسنى لمتخذ القرار الوقوف على كافة الحلول التي يمكن اتخاذها لتجاوز مثل هذه المشكلات مستقبلاً.

من جانب آخر على جهات الإختصاص الإستجابة مبكراً وبشكلٍ سريع، والتعاطي مع ما هو متوقع بشكل يتجاوز حجم التوقعات؛ وذلك للتخفيف من أية عواقب تتجاوز حجم التوقعات. كما يظل وعي المجتمع في التعامل والإستجابة لتعليمات الجهات الحكومية المختصة له أهمية بالغة في التقليل من الخسائر والأضرار؛ حيث لا بد لنا من الإستماع لنشرات حالة الطقس والتنبيهات المتكررة والتعليمات الصادرة عن جهات الاختصاص، كذلك الانتقال مبكراً للمكوث في مراكز الإيواء بالمناطق المتأثرة بالحالات الجوية، خاصة أصحاب تلك المساكن القريبة من مجاري الأودية، إضافة إلى التوقف نهائياً عن المجازفة بعبور الأودية وعدم القيام بأية مشاوير ليست لها ضرورة. وهناك الكثير لا بد لنا من الالتزام به وغيره يجب علينا تجنبه، ولا بد أن يبقى الوعي حاضراً لدينا؛ لأن سلامتنا وسلامة الآخرين أولوية.

ومع أن كل أحداث حياة بني آدم مُقدّرة ومكتوبة، لكن علينا نحن كأفراد الأخذ بالأسباب لتجنب الضرر والمحافظة على سلامتنا وسلامة من حولنا، وعلى جهات الإختصاص الأخذ بالأسباب ومعالجة كل ما من شأنه أن يتسبب بالأذى للبلاد والعباد، وعليها الإستجابة مبكراً والتعاطي مع أية أخطار محتملة قد تنتج عن جريان الأودية. ودمتم بخير.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights