ظنينة السعدية
أصبح من المعتاد لدينا أن نرى المراكز التجارية مزدحمة قبل دخول شهر رمضان الفضيل.. فلا تخلو مواقف معظم المراكز التجارية من الازدحام وترى الناس تخرج بسلة شرائية أو اثنتان أو حتى ثلاث.. وكأنهم مقبلون على مجاعة!
والذي يحدث أن معظم تلك المشتريات لايمس بل يظل حبيس الادراج إلى أن ينتهي تاريخ صلاحيته.. وما يستخدم منه في إعداد الموائد العامرة بشتى أصناف الأطعمة والمشروبات.. يكون مصير معظمه الرمي في النفايات وكأحسن تقدير إطعامه للحيوانات في البيوت التي تقوم بتربية بعض الحيوانات كالماشية والدجاج..
هل أصبح رمضان شهر الاسراف؟.. أفلا يكون لنا في أهل العراق عبرة فقد كانوا قبل سنين ليست ببعيدة اذا سقط منهم رغيف الخبز لايلتقطوه وكانت أماكن النفايات تتمتلئ بأصناف الأطعمة.. وانظروا ماحدث لهم من جوع وعوز وحرب.. أفلا نتعظ…؟ … ألا نعقل قول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه الكريم( يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) الاية (31) سورة الاعراف
لماذا تغيرت المفاهيم لدنيا وبعدنا بعداً كبيراً عن أهداف هذا الشهر الفضيل.. هذا إن لم نقم بمخالفتها تماماً.. فمن نعومة أظافرنا ونحن نعلم أنه من أسمى أهداف رمضان أن نشعر بجوع الفقراء والمساكين.. ولكن شهر رمضان أصبح شهر الشعور بالتخمة وليس الجوع.. شهر رمضان فرصة للتدبير والاقتصاد لكنه أصبح شهراً للتبذير والانفاق… حتى أصبحت العائلات تضع ميزانية خاصة لشهر رمضان!
قيل لنا صوموا تصحوا.. فالصيام يساعد على التخلص من السموم خارج الجسم ويقلل من نسبة السكريات في الدم ويقوي جهاز المناعة ويعزز العادات الغذائية الصحية.. هذا طبعا إذا تم تطبيقه بالطريقة الصحيحة.. ولكن الحقيقة أنه أصبح فرصة للأكل بشراهة وبدون توقف من الفطور إلى السحور.. مما أدى إلى زيادة الوزن.. وزيادة السكر.. وأدى إلى آلام المعدة المختلفة وغيرها من الأمراض.
وليس ذلك فقط.. بل أن روحانيات رمضان الجميلة حولت إلى ماديات ليس لها أي معنى خاصة لدى فئة النساء فأصبح لزاماً لديهن شراء فوانيس ودمى بألوان وأحجام مختلفة وكأنها أساس من أساسيات الشهر الفضيل. وأصبح لرمضان أوانيه الخاصة وكأن البيت يخلو من الأواني!.. وقد استغل التجار هذا الهوس والهستيريا للشراء فتفننوا في عرض مختلف الأشكال والأنواع من أواني وأدوات المطبخ وكمالياته وقد كتب عليها رمضان مبارك أو رمضان كريم مما يزيد رغبة النساء للشراء.
أما آخر الصرعات هي تفصيل وشراء ملابس خاصة لشهر رمضان!!
فلك الله يارمضان.. ياشهر العبادة ومجاهدة النفس وقراءة القرأن والتقرب إلى الله.. فأصبحت شهر التباهي والتنافس وهستيريا الشراء.
فتنبهوا أيها الناس.. أعيدوا لرمضان روحانيته .
وجماله.. ولو كان لرمضان لسان ينطق لقال ارحموووني.. فأنا شهر الرحمة والمغفرة.
