سلطنة عُمان تحتفل بالعيد الوطني الرابع والخمسين المجيد المجيد
Adsense
مقالات صحفية

غيث وأمل

ناصر بن سالم آل عبدالسلام

للغيث وقع وأثر خاص على قلوب الجميع، فتجد الناس يتريثون ويتربصون لحظة تساقُط زخّاته بفارغ الصبر، فرحين مبتهجين بما أنعم الله به عليهم من تساقط قطراته الندية العذبة، كيف لا وهو الذي قال عنه المولى عزّ وجلّ في محكم كتابه العزيز {وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} الحج/5 ، وقوله سبحانه وتعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ [سورة الروم: 48].

وقوله تعالى: {والله الذي أرسل الرياح فتثير سحاباً فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها، كذلك النشور} ( فاطر : 9).
فنجد من خلال الآيات الكريمة الآنفة الذكر، كيف تتجلى لنا حكمة المولى عزّ وجلّ في نعمة الماء وفي سَوق السحاب الممتلئ به لينعم به على عباده، فإنما هو رحمة ومغفرة من الله.
وقد اختلف الفقهاء والمفسرون حول تأويل آيات المطر وتفسير آياته، فمنهم من قال عن الماء المنهمر من السحاب:
فهو – سبحانه – الذي يسوق القِطَع من السحاب، ثم يؤلِّف بينها، فيجعله سحاباً متراكماً مثل الجبال، ثم يَنزل المطر منه نقطاً مُتفرِّقة؛ ليحصل بها الانتفاع من دون ضررٍ، وتارةً يُنزل الله من ذلك السحاب برَداً يُتلف ما يُصيبه، فيُصيب به مَن يشاء، ويَصرفه عمَّن يشاء، يكاد ضوء بَرقه يُذهب الأبصار.

فالمطر أو هو بالأصح (الغيث) هو تلك الرائحة الفواحة الجميلة التي تشعرنا بالأمل، وتبهج أنفسنا، تخبرنا بأن الخيرات آتية لا محالة، فلا تجزع أيها العبد ولا تقنط من رحمة الله، بل ادعُ الله في السرّ والعلن، وخاصة وقت نزول الماء علّها ساعة يستجاب فيها الدعاء.
والغيث هو ذلك الشعور الجميل الذي يبثّ فينا الطمأنينة، وينشر بيننا الفرحة والسرور، فتجد الواحد منّا ما أن ينزل الغيث إلا وازداد فرحاً وسروراً، فهو ذلك التفاؤل الذي ينبع من داخلنا ليخبرنا أن الأرض تتنفس وتبعث فينا الحياة من جديد.
وفي الختام نتوجه إلى الله العليّ القدير أن يتقبل فلذات أكبادنا طلاب العلم الذين وافتهم المنية قبل أيام في الرابع عشر من شهر أبريل للعام 202‪4 م، في ولاية المضيبي بسمد الشآن، ونعزّي فيهم أنفسنا قبل أن نعزّي الوطن الذي توشّح بالسواد يومها، واعتصر قلب الجميع ألماً في ذلك اليوم العصيب، وكأن السماء تذرف دماً عليهم، قصموا ظهورنا بفقدهم المؤلم، وابيضّت أعيينا من الحزن بفقدهم، صغارنا الذين آمنوا بأن مفاتيح الجنان معهودة بالعِلم والتعلم مصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من خرج في طلب العلم كان في سبيل الله حتى يرجع) رواه الترمذي.

وأخيراً، إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الله رب العالمين {إنا لله وإنا إليه راجعون}.
اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيراً منها، اللهم اغفر لهم وارحمهم.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights