الصوم وأساليب مواجهة الضغوط
د. سعود ساطي السويهري
أخصائي أول نفسي
يحتاجُ كلّ إنسان بين الحينِ والآخر أن يتخذ مجموعة من الطُّرق التي تؤهّله لاجتياز أيّ مِحْنة يمرّ بها إلى مِنْحة، فلا عجب وأن العديد من الأشخاص يمرّون بضغوطاتٍ نفسية أو اجتماعية أو مهنية أو غيرها، ومن المعروف أن الالتزام بتعاليم الدّين الإسلامي السمح والحنيف فيه من الوقاية من التعرض أو الوقوع في هذه الضغوطات، وعلى رأس هذه التعاليم هو الصوم.
لذا فإن الصوم من هذه العوامل والتعاليم؛ بل هو من أهمها؛ فللصوم قدرة فائقة في علاج الضغوط التي يقع فيها الأفراد؛ بسبب تعرضهم لمواقف حياتية مختلفة، حيث يقدّم الصوم الفرصة الذهبية للمخ البشري وخلاياه العصبية والراحة والاستراحة، حيث يُنقّي الصوم الدماغ من السموم الضارة والقاتلة للنفس البشرية من هموم وتفكير زائد وتغيرات كيميائية تبعث على العصبية والغضب وعدم القدرة على البحث عن حلول للمشكلات.
فالصّوم يُزيح سِتار عَمَى القلب والعقل عن الحقيقة، وسُبُل الخروج من الضغوطات التي يتم الوقوع فيها؛ لذا فإنّ الصوم – بحسب علماء النفس والصحة النفسية- يُحَسّن القدرة على التحمل والغموض الناتج عن المعاملات والمآرب البشرية والإحباطات التي هي بمثابة عوائق وحواجز؛ وبالتالي يُحدث تدريجياً صفاءً للنفس واستقراراً للوضع وراحة للأعصاب والمزاج؛ ومن هنا يجد الصائم نفسه قادراً على العمل وسط هذه الضغوطات، وفي نفس الوقت يتحلى بالإيجابية في الخلاص منها، وكذلك فإنّ الصوم يعمل على التخفيف من حدة القلق والتوتر؛ ويترتب على ذلك خفض الضعف النفسي وبناء الثقة بالنفس، وبثّ الطمأنينة، والبحث عن الأساليب السليمة لمواجهة هذه الضغوطات.
ومن أهم أساليب مواجهة الضغوط التي يُلقي الصوم بظلاله عليها ويبسط سلطانه القويم فيها هي التنفيس الانفعالي، والتركيز على الحلول وعدم الاستسلام، وتنمية الوعي الذاتيّ والسيطرة على المشاعر، بالإضافة إلى طُرق أساليب مواجهة جسمية خفية يعمل الجسم تلقائياً على الدفع بها في مواجهة ما يتعرض له الفرد من ضغوطات كالهرمونات، فالصوم يروّض الأدرينالين وإفراز الدوبامين المسؤول عن تهدئة الأعصاب وتخفيف الضغط العصبي، ومن ثَمّ التعامل مع الضغوط بأريحية وتوازن وثبات.