رمضانيات اليوم الرابع عشر: رمضان مدرسة تهذيب النفوس

خلفان بن ناصر الرواحي

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد،،،

أيها الصائمون الأتقياء ونحن في اليوم الرابع عشر من شهر رمضان المبارك، نستشعر تسارع الأيام، وندرك مدى أهمية مراجعة أنفسنا فيما يتعلق بأمور الدين والعبادات التي تهذب النفس وتزيدنا قُربةً إلى علاقتنا مع الله سبحانه وتعالى، فإنّ صيام شهر رمضان يُربِّي النفوس المؤمنة على كل خير، بل ويربِّي المجتمع على طاعة ربِّه؛ ولذلك علينا أيّها الصائمون أن نكون قدوة حسنة لأبناءنا وللآخرين، وعلينا أن نولي اهتمامنا بعدة أمور في حياتنا، ونعظم الشعائر الدينية ونعمل على تربية الأبناء والأسرة على عدة أمور التي تهذب النفس، لذا علينا الاهتمّام بتربيةِ أنفسنا على طاعة الله، ونهتمّ بتربية أولادنا على العبادات العظيمة التي لها أثرها في القلوب والنفوس، ومنها على سبيل المثال لا الحصر الآتي:

– الصلاة: فلنكن في هذا الشهر المبارك محافظين عليها أشدّ المحافظة، من الفرائض والسنن الرواتب أو النوافل كصلاة الضحى وصلاة القيام، بل هي فرصة عظيمة لنا لمراجعة أنفسنا في أي تقصير كان، ولنربِّ النفس على المحافظة على الصلاة دائماً، ولنكون من زمرة المتقين الذين امتدحهم الله سبحانه وتعالى في قوله سبحانه: {وَالَّذِينَ هُمْ على صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ}- [المعارج: ٣٤] .
واعلموا فَلَو أننا أهملنا في الصلاة المفروضة فبلا شك نكون في الصيام أكثر إهمالاً، فالصلاة هي عماد الدين؛ فلنحافظ على الصلاة بطهارتها، وخشوعها، وواجباتها، وأثرها علين، فإنّها تنهى عن الفحشاء والمنكر. حيث يقول الله تعالى آمرًا رسوله والمؤمنين بتلاوة القرآن وهو قراءته وإبلاغه للناس: ﴿اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾- [العنكبوت: 45].

واعلم أخي الحبيب إنّ تربية أولادك على الصلاة في هذا الشهر المبارك وغيره، لهي التربية الواجبة، فعن عبدالله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ)-رواه أحمد وأبو داود.

– الصيام: كذلك عزيزي المربي المؤمن التقي، رَبِّ أبناءك التربية الصحيحة على الصيام، وعليك الاجتهاد في أن ينشأ الأبناء جميعا على طاعة الله – عز وجل -. نعم، نعلم أنه لا يجب الصيام على الطفل الصغير حتى يبلغ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:(رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثَةٍ: عَنْ الْمَجْنُونِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ حَتَّى يفِيقَ، وَعَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ)-رواه أبو داود، ولكن يجب على وليه أن يأمره بالصيام إذا بلغ حدّاً يطيق الصيام فيه؛ لأن ذلك من تأديبه وتمرينه على فعل أركان الإسلام، ومما يؤسف عليه أن نرى بعض الناس ربما يهمل ذلك ويترك أولاده دون أن يأمرهم بصلاة ولا صوم وهذا أمر خطير وخاطئ، فإننا مسؤولون عن ذلك عند الوقوف بين يدي الله تبارك وتعالى.

– مجاهدة النفس: وإذا كنت أيّها الحبيب ممن أغواهم الشيطان وكنت تضيع وقتك في اللهو والتسلية فيما لا فائدة منه، وكذلك بالنسبة إلى أبناءك إن كانوا يقلدونك أو هم يفعلون ذلك، فراجع نفسك وهذبها في هذا الشهر الكريم وارشد أبناءك إلى ذلك، ودخل عليكم شهر رمضان، فاجتهد أن يصوموا رمضان، وجاهد نفسك وابتعدوا عن كل عمل منكر، ويتعاون الأب والأم في البيت على هذه التربية للأولاد، ويكونا لهم القدوة.

– صلاة الجماعة في المسجد: ولْتكن عزيزي المربي حريصاً على الذهاب بالأولاد المميزين الذكور معك إلى المسجد وتعودهم على تلك التنشئة؛ لتتعلق قلوبهم بالصلاة مع الجماعة في المساجد لما فيها من فضل عظيم عن صلاة الفرد، وتربيهم على المصابرة على الصيام والقيام وصلاة الجماعة وغيرها من القيم الإسلامية التي يجب أن يكون عليها المسلم.

– الدعاء: فيا أيها الصائمون الأتقياء والمربين النجباء، ادعوا لأنفسكما ولأولادكما في هذا الشهر العظيم، فإنه شهر تقبل فيه الدعوات، فعودا أنفسكما على دعاء الله في كل وقت، وعلى اغتنام أوقات الإجابة، فقد قال – صلى الله عليه وسلم: (ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ دَعْوَةُ الْصَّائِمِ وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُوم)-رواه البيهقي. وقال – صلى الله عليه وسلم: (ثلاث دعوات لا ترد دعوة الوالد، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر)- رواه البيهقي في السنن الكبرى وحسّنه الألباني.

اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكّها أنت خير من زكّاها، وأنت أرحم الرّاحمين. آمين