بنات حواء من الصدفة إلى المصير
د. حميد أبو شفيق الكناني
في يوم الأم العالميّ، رفقاً بالقوارير
دعائي بالسلامة والاستقامة
للأمهات بلا أمومة، فلا حمل ولا إنجاب ولا رضاع.
فقد حملن الهمّ كرهاً وما زلن حاملات، ورضعن الغمّ دهراً على اعتاب الأمنيات.
دعائي بالسلامة والاستقامة
للمتزوجات المستمرات اضطراراً لا اختياراً، وهنّ يدفعن ضريبة الحب، تلك الصدفة التي أعقبها المصير،
ضحايا أسطورة الأدب الرفيع! تزوجي قبل أن يفوتك القطار وكأن القطار ينقلها من مطار لمطار و من قارة لأخرى!
ثم دعائي بالسلامة والاستقامة إلى المطلقات بكرامة.
ويا فرحة الأحرار في كسر القيود ونزع السلاسل.
دعائي لهن بسلامة العقل والعبرة بالتجارب، والحكمة خير المنازل وأعذب المناهل، بعيداً عن التعاويذ والشعوذة وسجع البلابل وما أُنزل على الملكين من سحر بابل.
ثم دعائي بالسلامة والاستقامة إلى العوانس إلى يوم القيامة.
ولا يأس مع الحياة، فإذا انقطع وتر فاعزفي على باقي الأوتار، فإن أصحاب الأعراف منطقة وسطى ما بين الجنة والنار، وما لا يُدرك لا يُترك، وتنتهي حسرة بالتخلي هي: صراخٌ صامت لفتاة عانس، وتنتهي صدمة شال الحرير ببيعه في المزاد، وتتحول الضفائر بعد قصها إلى تحفة منزلية:
لمن جمالي لمن شال الحرير لمن ضفائري منذ أعوام أربيها
ثم دعائي بالسلامة والاستقامة للأرامل اللاتي فقدن الابتسامة، فالبحر لا يحمل همّ السفينة، والأسرة التي يزورها الموت لا تعود كما كانت، وقد تزورها الهلوسة:
اِرجع، فبَعدك لا عقدٌ أعلّقه،
ولا لمستُ عطوري في أوانيها.
وقد يخفف عنها الآلام في بعض أيام الدنيا صوت الإمام علي كرم الله وجهه، أبو الأيتام:
الله الله في الأيتام، فلا تغبوا أفواههم و لا يضيعوا بحضرتكم، وعسى أن يدخلها الجنة وعد النبي صلى الله عليه وسلم: “أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة ” وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى.
في يوم الأم العالمي، سبيلك الطاعة ولا بأس بلباس القناعة، فبعض الشر أهون من بعض، وهما أمران أحلاهما مرّ.
فالحياة جميلة لكنها ليست لنا
رفقاً بالقوارير.