المرأة والمجتمع
عصماء بنت محمد الكحالية
أولًا، المرأة هي روحا وليست جسد حسب نظرت البعض وشخصيته، فإن عاملتها كروح ستجد في نفسك نورا يتوهج كل حين؛ لأن الروح من أمر ربنا، والمرأة من أمر ربنا أيضا، وثق جيدا بأن الروح الله من يحميها وليست بحاجة لرجل متسلط نكد، مُيّز بعظم غليظ في ساعده ليساعده على الكد والتعب والدفاع عن نفسه من مطبات الحياة، وليس لحماية هذه الروح التي تكفل الله بحفظها، فإن عاملتها كجسد أيها الإنسان ستضل في غيك أعمى كنحات التماثيل، لا تدرك سوى إبداعات التشكيلات وتزيين منتهي الصلاحية، ولا تفقه سوى الشك والخوف الذي يملأ ثقب عقليتك!
والعجب مما يثير الغضب ولأكثر من سؤال، حين سُأل فالتجم ابن آدم بالجواب، ولم يبدِ أي سبب! والبعض ألجمه الغضب. في حين فإنّ وجه المقارنة أدب أعجبي لرجل عاقل يعيش مع جنس الأنثى؛ يضحك ويمرح ويسمع لحديث هذه وتلك، ويشكو لهذه من عناء وتعب، ناهيك عن ما هو في شبكات التواصل الاجتماعي يبدي آرائه، ويرسل كلام من ذهب، ومع هذا يجهل حقيقة المرأة التي تعيش معه لماذا خلقت! ويجهل شخصيتها؛ بل قسراً يفرض عليها قيود أشبه بسجن جوانتانامو! حيث يفرض سيطرته على أعظم مخلوق وأجمل ما خلقه الله وحماه في جميع الأديان والكتب السماوية.
إن المرأة ليست سلعة رخيصة كما يراها الرخيصين من الرجال، فحين تعمل معك وتناقشك؛ فهي بلغت عند وليها أوجّ الثقة بنفسها.
فيا أيها الرجل عليك أن لا تكون في تسلطك وجبروتك كأبي لهب، وليست كل النساء حمالة الحطب؛ فالمرأة خلقت لتحيا كما أنت تريد الحياة.
فواعجبًا من رجلٍ رأى من ذكوريته دكتاتوريا على إمرأة قدر لها الله أن تكون بجانبه شفقة منه؛ ليرى بها لذة الحياة، سواء كانت أماً أو أختاً أو زوجة أو بنتاً يفرض عليها القيود بأن تتنفس الحياة بطبيعتها، جهلا منه بأن ذلك يقع تحت مسمى الغيرة والقوامة!
فيا أخي الكريم، أرجوك لا تفهم المصطلحات عكسيا؛ فتعكس حقدك وخبث باطنك غيرة من نجاحها وأنت تعلم يقيناً أن عقل المرأة أصفى ما يمكن وصفه؛ فهي سيدة النجاحات، فلا تسترخص بنات غيرك بحديثك الغير مجدي وفي وكرك فرايس أفكارك المغلوطة، ولا تكن أشبه بإبن خزيمة اليهودي حين ذهب إلى مورد فيه النساء مع الرجال يتقاسمون العمل في جلب الماء، وحين سألوه عن أهله، قال “أنهنّ غاليات لا يخرجن من الدار”، فرد عليه رجلا عجوز “عود يا ابن خزيمة إلى دارك، وطهر ما فعله جارك”.
فهكذا فإن المرأة إذا لم تزرع فيها الثقة؛ فأنت رجلٌ ضعيف لا تستحق القوامة ولا أن تكون رجلا وليا؛ فالرجل الكفؤ يزرع الثقة في المرأة وأين ما ذهبت لن تستمرئ الذئاب على أن تعدو، ولا الوحوش أن تفترس، ولا أشباه الرجال أن تقترب؛ فكلما زرعت حصدت وجنيت، فلو كانت نيتك سيئة عندما تتحدث مع بنت غيرك فتفّقد دراك، وسترى أسوء مما نويت، وإن كنت رجلا لا تفرض قيودك على أُنثاك، وإن كنت ذو مرؤة وشهامة وطبعك غلب عليك أن تستمر بفكرك المغلوط فلا تحادث بعد اليوم أنثى، ونكس بصرك الأرض.
نعم، قد نعذرك ولا نشفق عليك، واعلم أن المرأة هي الرحمة والعطف، هي العلم والعاطفة، هي الطيبة وهي الوصية التي أوصى بها خير البشر -صلى الله عليه وسلم-
فقال: (استوصوا بالنساء خيرا فإنهن خلقن من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فاستوصوا بالنساء خيراً)-رواه الشيخان. فاعرف متى تغار عليها، إن اعترضها عارض فغار، وإن استرخصت فغار، وإن وشاها واشي فغار، وإن رماها منافق أو حاقد فغار، وإن صودر حقها فحق لك أن تغار، وإن رأيت من يحاول تحطيم قدراتها ويصادر أفكارها فغار؛ فليست الغيرة أن تحبسها في جهل عقيم وتجعلها تعمل في بيتك كالجارية أو كالعامل المقيم!
وأخيراً أود أن اهمس لك أخي الكريم همسة أخوية وهي، “إن المرأة التي تشاطرك صنوف الحياة وتعمل إلى جانبك؛ هي امرأة وراها رجلٌ عظيم منحها الثقة، وهو مستعد للتضحية من أجلها؛ فنعم ذلك الرجل، ويا له من عقل سليم، وبئس الذكر العامل بجانبي إن رآني بعين رخيصة فما هو إلا رجلا ذو فكر عقيم…!.