المبادرات المجتمعية، وأثرها في نفوس الناشئة
حمود الحارثي
المضيرب في قلوبنا.. (المضيرب تستحق).
هكذا اتخذ أبناء قرية المضيرب شعاراً لمبادرتهم المجتمعية السنوية، التي بلا شك هي ترجمة لمشاعرهم الصادقة وحسهم المرهف الذي حلق بنا بعيدا؛ حيث يسكن المطر في غياهب المزن المثقلة بقطرات الماء المتصارعة بين ضجيج الرعد وخطفات البرق، مبشرة بتساقط منهمر على شوارع مضيربنا.
يقودنا ذلك المنظر إلى عتبة أبواب أولئك العاشقين المسقطيين الذين يحتضنون تراب مسقط رأسهم المضيرب، التي ما زالوا يعشقونها رغم المسافة وعدد السنين، للحد الذي سيسابق حضورهم للمشاركة في مبادرة “المجتمع الفاعل الثامنة”، كأنهمار المطر من تلك الغيوم ليتدفقوا في شوارع المضيرب صبيحة ذلك اليوم كهطول المطر وأنسيابه في سواقي فلجها الراوي لعطش الإنسان قبل الأرض، فكم هي المضيرب جميلة بصدق مشاعرهم، وبهم.
لا شك في أن المبادرات المجتمعية تحظى بتفاعل ودعم مجتمعي كبير جدير بالتقدير إيمانا بدورها الرائد وأهميتها في غرس القيم النبيلة والمبادئ المجتمعية السامية الأصيلة في نفوس أفراد المجتمع لا سيما الناشئة أينما كانوا وحيثما وجدوا.
حيث تأتي هذه المبادرات لتجسد لنا نموذجا من نماذج التلاحم المجتمعي، وصورة من صور العمل التطوعي الملهم الذي وجد ليستمر ويتطور، وبما يعود على المجتمع وأفراده بالنفع والفائدة.
كما أن تكرار إقامة هذه المبادرات يقينا تأتي بناءا على ما تقدم من نجاحات حققت في سابقاتها، وإمتداد معبر لروح الحب والولاء والإنتماء للبيئة التي ينتمي إليها، والمكان الذي يعيش أو عاش فيه الإنسان أجمل لحظات حياته.
كما تأتي مؤكدة لعمق العلاقة والترابط والتلاحم والتكاتف المجتمعي؛ حيث يجتمع الكبار مع الصغار وتستعاد فيها الذكريات، وتعلو معها الهمم التواقة للعطاء المتدفق من خلال تنفيذ عدد من المشاريع، بسواعد وثابة، وجهود متفانية تمتزج بألوان الفرح.
ها هي قرية المضيرب تجدد حيويتها؛ لتبقي نبضها في أعلى مستوياته بهمم أبناءها لتضيئ مصابيحها بمبادرة متجددة للعام الثامن على التوالي، وتؤكد بأن المضيرب حاضرة دائما في قلوب أبناءها عالين الهمة كما عهدناهم.
قد لا نختلف في أن التفاعل والدعم المجتمعي للمبادرات السابقة هو سر استمرارها والرصيد الحقيقي لأهم إنجازاتها إيمانا بما حملته من رسالة نبيلة تستوجب على الأجيال القادمة ليس فقط المحافظة على مكتسباتها؛ بل مسؤولية وأمانة نقلها للأجيال القادمة جيلا بعد جيل، وإبقاءها ثوابت وقيم ومبادئ مغروسة في نفوس أبناء قرية المضيرب.
البوح الأخير…
المضيرب قريتي الجميلة، لي في ذمة حواريك عشقاً لا تكتبه المحابر، ولا تصفه أقلام الحنين، ولي بين أضلعك وطناً وقمراً وليلاً يشتاق الساهرين، لي بين يديك جنة وطقوس من شوق، مهما كتبت من كلمات غنية مؤثرة صادقة، يكفي أنها تضم أحب ما أملك، وأغلى من فارقت.
حفظ الله الباقين، ورحم برحمته الواسعة الراحلين وإن كانوا حاضرين.