القهوة وتأثيراتها الجسدية والنفسية
د. سعود ساطي السويهري
أخصائي أول نفسي
تُعدّ القهوة من المشروبات الشهيرة المُستخلَصة من نبات البُنّ، وتنمو هذه النبتة في العديد من البلدان وخصوصاً في أمريكا الشمالية والجنوبية، وجنوب شرق آسيا، ويُعتقَد أن البُنّ هو ثاني مصدر بعد النفط الخام من حيث السلع الأكثر تداولاً على مستوى العالم. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن:
هل للقهوة فوائد إيجابية أم سلبية أم كلاهما؟ وهل تسبّب القهوة مشكلات صحية أو نفسية على الأفراد؟
هذا ما سيدور حوله النقاش في السطور الآتية.
في الحقيقة، للإجابة على ما سبق من أسئلة، يمكن القول بأنه تختلف الإجابة باختلاف طبيعة الأفراد، ولا يمكن التعميم إجمالاً، فللقهوة العديد من الفوائد الإيجابية مثل: الحفاظ على الجسم، من خلال عمل مضادات الأكسدة التي تقي من العديد من الأمراض، كالسرطان وغيره من أمراض الشيخوخة، وكذلك تحفيز الدماغ عن طريق المادة المنبّهة لكافّة حواس الإنسان وهي الكافيين، ويشترط تناولها باعتدالية من كوبٍ إلى ثلاثة أكواب يومياً. أمّا عن الأضرار، فمن البديهيّ أن الإسراف فيها غير مُحبّب، فما زاد عن حَدّه انقلب إلى ضِدّه، كما أنها تسبب مشكلات في المعدة خصوصاً إذا تمّ احتساؤها على معدة خالية وخصوصاً في الصباح الباكر قبل تناول وجبة الإفطار، مِمّا يسبّب الحرقة والتهابات المعدة – بحسب ما أشار المختصون في هذا الصدد – ولهذا لا تنطبق الإجابة على الجميع بحسب الحالة الصحية والمرَضية أو غيرها.
أمّا فيما يخصّ الجانب النفسيّ وعلاقته بتناول القهوة وآثارها الناتجة عنها، فقد توصّل المختصّون في العلوم النفسية إلى أنه قد يتمّ الاعتماد على تناول القهوة كوسيلة لتخفيف الضغوط النفسية الناتجة عن القلق والتوتر والاكتئاب، والدليل على ذلك ما نلاحظه على الطلاب أثناء تادية الاختبارات، واتخاذ القهوة كوسيلة للتخفيف من الضغوط الأكاديمية والنفسية، واتخاذها أيضاً كعامل مساعد على السهر وتنبيه الجهاز العصبي، بل وتطوّر الأمر من الناحية النفسية وهو الإصرار على تناول القهوة بطريقة وبشكل مخصوص، كالقهوة الإسبريسّو أو العربي أو السوداء، وفي أكواب وفناجين مخصوصة، لأنها تُضفي وتُشبع رغبة معيّنة من الناحية النفسيّة، تعكس مُسايرةً لثقافةٍ معيّنة أو مجتمع معيّن أو مظهر معيّن، وقد يتطوّر الأمر لدى البعض بتناول عددٍ كبير من أكواب القهوة يومياً، وهو ما يسبب بعض الهلاوس السمعية والبصرية المؤقتة، وزيادة العصبية وضغط الدم، والشعور بالصداع وفقدان الشهية العصبي، وغيرها من الاضطرابات النفسية الجسمية، وهي ما تُعرف بالاضطرابات السيكوسوماتية. وقد يزداد الأمر لدى البعض الآخر من ظهور أعراض ونزعات عدوانية لا إرادية، وقلق وتوتر واضح وقد يصل إلى الاكتئاب، مما يدل على أن هذه الأعراض قد تكون نتيجةً أو سبباً لتناول القهوة بأصنافها وأنواعها المختلفة.
وهنا نقدّم بعض النصائح النفسية ذات الصلة بموضوع القهوة وتأثيراتها المختلفة:
1 – يُفضَّل عدم تناولها بكثرة، لدرجة أنها تصبح نوعاً من الإدمان الذي لا يمكن الاستغناء عنه، بسبب زيادة نسبة مادة الكافيين العالية التي تحتوي عليها.
2 – إن القهوة من المشروبات المطلوبة ولها العديد من الفوائد، وعلى الأفراد مراعاة الاعتدالية والوسطية في تناولها بعدد قليل من الأكواب على مدار اليوم.
3 – يفضل عدم تناولها أثناء فترات الجوع، لأسباب طبية وأخرى نفسية أهمها زيادة التوتر والقلق والعصبية غير المبررة.
4 – تجنب تناول القهوة إذا ما لوحظت آثارها النفسية المرتبطة بها مثل:
زيادة القلق والاكتئاب، والتوتر أثناء العمل أو قيادة السيارة، أو ملاحظة تأثيرها من خلال الاضطرابات المتعلقة بالنوم؛ ولذلك يمكن استبدالها بمشروبات أخرى كالنعناع والبابونج الذي يحتوي على نسبة معتدلة من الكافيين ويُحسّن الحالة النفسية والمزاجية.
5 – التخلّي عن مظاهر الاستعلاء المبالَغ فيه في طريقة وتقديم وتناول هذا المشروب؛ لأنه دلالة على جوانب نفسية معيّنة.