تحتفل صحيفة النبأ الإلكترونية بالسنة السادسة لتأسيسها
Adsense
مقالات صحفية

مقال : “لا تشاهد بأذنيك”

أحمد بن سالم الفلاحي
shialoom@gmail.com

تنشط وكالة “قالوا” كما هو حالة البشر دائماً، ونشاطها هذا مؤثر جداً في الجانب الإنساني على وجه الخصوص، حيث يربك القناعات، ويرسم صوراً سلبية تجاه الأشخاص، ويحول الحياة الآمنة إلى أركان متصدعة من جهاتها الأربع في المجتمع ، وبقدر إيمان الناس بخطورة هذه الوكالة ومجموع التداعيات المتوقعة منها، إلا أن الناس لا يزالون ينضمون تحت لوائها وينشطون فيها، جهلا للممارسة، وتغييبا للتعقل، وإمعانا في ارتكاب الأخطاء، ولا مبالاة لما سوف تؤول إليه الأمور بعد ذلك، ولا فرق في ذلك بين الكبار والصغار على حد سواء.

كلنا، بلا استثناء، نكره أن يقال فينا، وأن ننعت بشيء بغيض، وأن نحمّل ما لا طاقة لنا بحمله، ولكن مع ذلك عندما نتصدر المجالس، ننسف ذلك كله وراء ظهورنا، ونرى ما لا يراه غيرنا، ونعيش بمستويات غير مستويات معيشة من نصاحبهم في الزمالة، والمأكل، وأحيانا المنزل، ومن هنا تبدأ بناءات جديدة للمواقف، وترسيخ قناعات أخرى لصور الأشخاص الحاضرة في الذهن، ومن هنا أيضا تبدأ مرحلة تعكر صفو الوداد ” إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة ً: فلا خيرَ في ودٍ يجيءُ تكلُّفا” كما قال الإمام محمد بن إدريس الشافعي، رحمه الله، وهل سيترك العاملون في هذه الوكالة أن يبقى الود غير مكلف فيه، وهذا “التدافع” المستميت للبقاء عند الكثيرين يعلو أوجه، وترتفع رايته؟!.

نمارس هذه الوظيفة بلا مقابل مادي أو معنوي نكتسبه على المستوى الشخصي، سوى تفريغ هذه الحمولة العفنة من صدورنا، فوق ما نخسر الكثير، سواء في مستوى القناعات الشخصية، المتذبذبة، بين قبول الفعل ورفضه، وبين معايشة حالة من الانفصام الشخصي، بالإضافة الى مستوى المساهمة في “الشرخ” الحاد الذي يتوسع بصورة مستمرة، ما بين اللحم المختلفة للمجتمع الذي نعيش في وسطه، والذي، في المقابل، نؤكد على ضرورة أن يضيق اتساعه كلما أمكن، لإيماننا أن كل ذلك ليس في صالح أبناء المجتمع، وليس في صالح اللحمة الاجتماعية، والعمل على ضرورة أن يتحول انتاج وكالة “قالوا” الى منتج إيجابي كبير يكون في صالح المجتمع ككل، ويكون ” صفو الوداد طبيعة”.

يعول على النصوص الدينية، وعلى مجموعة الأحداث والمواقف التي تحدث انعكاسا للنشاطات السلبية لهذه الوكالة بالكثير من المراجعة لمجموع العاملين فيها، وهي المراجعة التي يفترض منها أن تحد من هذا النشاط، أو حتى تلغيه، إن يرتفع سقف الطموح، فالتجارب والخبرات التي يكتسبها الناس من مجموع ممارساتهم اليومية، في هذا الاتجاه، أو في غيره من اتجاهات الممارسات السلبية، وما أكثرها، يفترض منها أن تؤسس قناعات مغايرة عند الناس، وتنقلهم من سطحية الممارسة وما ينتج عنها من مآسي، إن تجوز التسمية، إلى عمق الوعي وما ينتج عنه من بناءات رائعة وجميلة في بنيان العلاقات الاجتماعية القائمة بين أبناء المجتمع الواحد.

“لا تشاهد بأذنيك” .. تعبير مجازي؛ يذهب بعيدا إلى حيث نقد هذه الممارسة البغيضة، نقدا حادا، وموضوعيا، وهو نقد ليس جديدا في ذات الموضوع، ولكن اليوم تعززه وسائل كثيرة ومتطورة تتصدرها وسائل التواصل الاجتماعي، ولذا يبقى تأثيرها كبيرا، وعميقا، وسريعا، وهذا ما يجب أن يلتفت اليه عند الحديث عن هذه الممارسة السلوكية غير السوية، وقد قيل منذ زمن بعيد: “إذا كان بيتك من زجاج؛ لا ترم الآخرين بالحجر”، وكما قيل أيضا: “لسانك لا تذكر بها عورة أمرئ: فكلك عورات وللناس ألسن”.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights