العز بن عبدالسلام من جديد
خوله كامل الكردي.
موقف العديد من علماء المسلمين في أنحاء العالم الإسلامي من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، يشير إلى أن المسلمين وعلمائهم في هذه الظروف العصيبة التي يعيشها أهالي غزة، ما يزالون يعرفون أين يوجهون بوصلتهم، نحو نصرة المظلومين في فلسطين وفي القلب منها غزة هاشم، التي تعاني ما تعانيه من القصف العشوائيّ الإسرائيليّ الهمجيّ، من الجوّ والبرّ والبحر بشكل متواصل، مخلفاً أعداداً كبيرة من الشهداء و الجرحى، والعالم يقف متفرجاً لا يحرك ساكناً لإنقاذ الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ، ووقف آلة القتل الإسرائيلية الوحشية، وإذ ينبري العلماء المسلمون مدافعين ومنافحين عن الغزيين الذين يواجهون وبصدور عارية وبمفردهم بعد أن تقاعس المجتمع الدولي عن حمايتهم من المجازر الصهيونية التي تُنفّذ بحقهم من غير أدنى وازع إنسانيّ أو حتى خوف من القانون الدوليّ، ذلك القانون الذي ضربت دولة الاحتلال بنوده وقراراته عرض الحائط، غير عابئة بنداءات العالم الحرّ لوقف الحرب المسعورة التي تشنها على الأبرياء في قطاع غزة، والقبول بهدنة إنسانية لإيصال المساعدات للأطفال والنساء والشيوخ، لإبعاد شبح الجوع والعطش عنهم، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد أن حوّلت قوات الجيش الصهيوني القطاع إلى أرضٍ محروقة وكومةٍ من الركام، ومن بين أولئك العلماء يقف مفتي سلطنة عمان والعديد من شيوخ وعلماء المسلمين وقفةً شجاعة لا ينفك يدافع عن فلسطين وأهلها، ويدعو إلى نصرتهم ورفع الظلم عنهم، والوقوف بجانب المقاومة وشدّ أزرها بالدعاء وتقديم يد العون والمساعدة لهم، لأنهم يقاتلون عدواً لئيماً، فهذا ليس جديداً على مفتي عمان الشيخ العلّامة أحمد الخليلي، الذي في كل مرة يشتدّ العدوان الإسرائيلي على فلسطين ويتسلط جيش الاحتلال والمستوطنون على أهلها بالقتل والاعتداء والاعتقال، إلا كان له موقف قوي لا يتوانى فيه عن الدفاع عن فلسطين وأهلها، وإعلاء كلمة الحق بضرورة إعطاء الفلسطينين حقوقهم وحماية المسجد الأقصى، ويحفّز المسلمين في كل مكان على دفع الأذى والظلم عنهم وإغاثتهم ورفع الضيم عنهم بكافة الوسائل والسُّبل.
إن موقف الشيخ الجليل أحمد الخليلي، إنما يجسّد موقف شيخ الإسلام العزّ بن عبدالسلام، الذي لم يألُ جهداً لحثّ خليفة المسلمين آنذاك، والأمراء والولاة وقادة الجند، إلى توحيد صفوفهم وقتال أعدائهم من الصليبيين، لم يتسلل إلى نفسه أيّ قنوط أو يأس من حال الدولة الإسلامية من ضعف وهوان، ودعاهم إلى الأخذ بالأسباب واللجوء إلى الله وطلب النصرة منه.
وهكذا هو لسان حال الشيخ الجليل أحمد الخليلي، الذي لا يخاف في الله لومة لائم، وجّه رسالته المخلصة إلى شعب فلسطين ومقاومته، وكانت كلماته صادقة نابعة من قلبِ وعقلِ عالِمٍ مسلم يخاف على عقيدته وأمته، يحزنه ما آل إليه حال المسلمين من تفرّق وتشتت، أراد أن يسجل له موقف يشهد له التاريخ به لا عليه، يقدم ما يمليه عليه ضميره ودينه وعروبته، وتكون له شهادة أمام الله يوم لا ينفع مال ولا بنون. فكل التحية والتقدير لشيخنا شيخ الإسلام العالِم الكبير أحمد الخليلي.