التبعية في الاحتفالات الغربية
سامح بن سالم الشكيلي
في ظلّ طُغيان الانقياد والتقليد والتبعية التي يعاني منها الكثيرون من أبناء أمتنا العربية والإسلامية، يستعدّ البعض للمشاركة بالعديد من المظاهر والطقوس الغربية، للاحتفال بعيد (الكريسماس) ورأس السنة الميلادية، وما علِمَ أولئك أن ذلك يُعدّ تشبّهاً باليهود والنصارى، ولم يسأل أي واحد منهم هذا السؤال: نحن نحتفل مع الغرب، فهل حقاً هم يحتفلون معنا في العيدين الذي جعلهما الله تعالى مكافأة لعباده الطائعين لأوامره والمنتهين عن ما نهى عنه؟
عيد رأس السنة الميلادية هو أكبر مناسبة في دول الغرب النصرانية، وأغلبنا يعلم أن هذه الاحتفالات تُقام في يوم وليلة الخامس والعشرين من شهر ديسمبر (كانون الأول) في المجتمعات النصرانية الغربية، أما عند النصارى الشرقيين فيحتفلون بعد ذلك بحوالي أسبوعين، حيث يتم تعليق العمل في جميع الدوائر الرسمية وغير الرسمية، وكذا المستشفيات والمحلات التجارية، وتتوقف كثيرٌ من وسائل المواصلات كالحافلات والقطارات عن العمل، وإن كان يذكر البعض أن ليلة رأس السنة أي الأول من شهر يناير هو عيد أيضاً لاعتبارات غربية أخرى، ولكن ليلة الخامس والعشرين هي (الليلة المقدسة) بمنحهم هذا اليوم صبغة دينية رسمية، وعموماً فإن حركة الحياة لديهم تتوقف في ذلك اليوم كما لو كان الناس قد نزلوا إلى ملاجئهم إثر غارة جوية معادية.
الزائر أو المقيم في تلك البلاد وبالتحديد في يوم وليلة الاحتفال يلاحظ أن هناك نوعين من المحلات التي لا تغلق أبوابها، بل على العكس ينتعش سوقها ويزدهر ويعظم روّادها، وهما حانات الخمور والبارات التي يُباع ويُشرب فيها الخمر وباقي المُسكرات؛ حيث يشربونها إلى حدّ الإفراط الذي يُفقدهم العقل والسيطرة على سلوكياتهم، وهو الأمر الذي حدا بالشرطة البريطانية إلى إصدار قرار بتخفيض النسبة المسموح بها من الشراب لمن يقود السيارة إلى خمسين بالمائة.
في حقيقة الأمر، لا يمكن أن نحصر جُلّ المعلومات والمظاهر الغربية تجاه أعياد النصارى ورأس السنة في مقال واحد، ولكن ما ينبغي أن ندركه أن الانقياد والتقليد الأعمى الذي عُميَ به البعض ما هو إلا شرارة من نار هدفها الانسلاخ من الدِّين أولاً، ثم التجرّد من العادات العربية المتجذرة والمستمَدة من دِين السماحة والخُلق القويم، الذي تمسك بها العرب والمسلمين أباً عن جَدّ، ولا يمكن لأيّ عدوّ أن يجرّهم نحو التنازل عنها.
وليَعلم كل غيورٍ على لغته العربية وعلى دينه الإسلام، أن ليلة الخامس والعشرين وبالمسمى الغربي (الكريسماس) والتي هي عيدٌ ثابتٌ في المجتمع النصرانيّ واليهودي، هو في الحقيقة عيدٌ يتمّ فيه تكريمٌ لشخصية مجرمة وسافك للدماء مثل بابا نويل (سانتا كلوز أو القديس نيكولاس) ويصدّر للناس على أنه هو من يوزع الهدايا للأطفال، وفي الوقت ذاته يكذبون على أطفالهم بأن مصدر الهدايا هو سانتا كلوز، وأنه شخصية حقيقية يدخل من النوافذ والمداخن، وفي السابق كان هذا العيد هو خليط بين عدة أعياد وثنية: عيدٌ لتكريم إله الشمس، عيدٌ لتكريم أمّ الإله، عيدٌ لتكريم ولد الإله وغيرها.
إليكم أيها الآباء العرب والمسلمين، احذروا من أن تغرسوا فكرة هذا المجرم الإرهابيّ على أنه (مصدرٌ لسعادة الأطفال)، فهو أحد الأساقفة الداعمين لبدعة تأليه المسيح، وشارك في الاعتداء على القسيس أريوس الذي نادى بالتوحيد، خوضوا في الأعماق وتصفّحوا ما شئتم من الصفحات والمتصفحات، لتعلموا أن كل هذه الأفكار تدعوا إلى الانصياع للعادات الغربية والداعية بطبيعة الحال إلى التنصير وتأييد مظاهره وطقوسه بصورة قد تكون غير مباشرة.
والاحتفال برأس السنة الميلادية لا يقلّ جسامةً عن خطر الاحتفال بمناسبة (الكرسماس) لأنه يليها، بل هو جزءٌ منها.
نسأل الله أن يجعلنا وإياكم قائدِين غير مُنقادين ولا مقلّدين ولا تابعين.