في سياق اختيار ولاية صور عاصمة للسياحة العربية
بقلم – عبدالله بن حمدان الفارسي
لم يكن الخبر مفاجئًا ولا غريبا، حين أُعلن بأن ولاية صور عاصمة للسياحة العربية لعام ٢٠٢٤، بقدر ما كان سعيداً ومبهجا لقلوب الشعب العُماني كافة دون استثناء، فولاية صور جزء لا يتجزأ من الكيان العُماني الأبي من أقصاه إلى أقصاه، والبهجة لم تكن مقتصرة على أهالي ولاية صور فقط، فالشراكة في المنشط والمكره، صفة صُبِغَ العُمانيون بها على مختلف توجهاتهم وانتماءاتهم، فهم جسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، وكذلك في الأفراح والمسرات.
تُعد ولاية صور من المدن العربية ذات العراقة والطابع التاريخي الأصيل المتأصل في أعماق الزمان، وأيضاً تتمتع هذه الولاية بجغرافية مميزة، تجعل منها ذات انفرادية في غاية الأهمية والروعة لإطلالتها على بحر العرب وبحر عُمان، وأما فيما يتعلق بالجانب المناخي فهي متعددة الأجواء والرياح، سواء أكان ذلك على مدار السنة أو على المدار اليومي، ولتلك التقلبات المناخية مسميات محلية؛ على سبيل المثال لا الحصر، ( الكوس- الصوري – الأزيب وغيرها )؛ ولذلك فإن مسمى(العفية) لم يطلق عليها من فراغ، ففيها العافية، وعوامل الاستجمام، فالولاية بجانب ما ذكرت تجتمع فيها الفضائل، والمحاسن، والصفات الحميدة، الأمر الذي يجعلها قبلة للاستجمام والسياح في آن واحد، فمن خلال تنوعها الطبوغرافي من جبال، وسهول، وبساتين خلابة، وشواطئ جميلة ومنعشة، واعتدال مناخها، وتنوعه على مدار السنة. ففعلاً تستحق – ولاية صور – أن تكون على رأس قائمة المدن العربية السياحية.
لنعلم أن ولاية صور حباها الله بنعمة بأن تكون أول مدينة عربية يصدح في مسامع قاطنيها أول أذان لصلاة الفجر، وأول من تشرق عليها الشمس في الوطن العربي، كما أنها تحظى بعدة محميات مختلفة حسب طبيعة الكائنات وبيئتها التي تنتمي إليها، ولحرص الحكومة الرشيدة على أهمية الاستقرار النفسي، أوجدت المؤسسات ذات الطابع الأمني لنشر الطمأنينة والارتياح للمواطن والزائر؛ مما خلق بيئة آمنة جاذبة للسياحة.
إن مدينة صور تُعد البوابة الشرقية لسلطنة عُمان من حيث موقعها الجغرافي، وأيضاً الميناء البحري الرئيس لمحافظتي الشرقية الشمالية والجنوبية، ونظراً لانفتاحها على البحرين العربي والعُماني، نشطت فيها التجارة، ونقل البضائع والتبادل الثقافي مع الشعوب، واشتهرت أيضا بممارسة صناعة السفن المتعددة الأغراض؛ الأمر الذي جعل منها مركزاً مهما لهذه الحرفة على مستوى دول الجوار، وتعد المدينة حاضنة للعلماء في مختلف العلوم، لا سيما جهابذة علوم الملاحة البحرية وتوابعها، فقد شهدت الوثائق التاريخية لها بذلك، وفيها العديد من(النواخذة) الذين يشهد لهم التاريخ ببراعتهم، وتميزهم في علوم الملاحة وقيادة السفن.
والكثير ممن زاروا واطلعوا على تضاريس مدينتي صور العُمانية واللبنانية، أكدوا على أوجه التشابه بينهما من ناحية الموقع البحري، ونشاطهما التجاري، وانفتاحهما على العالم، والتناقل الحضاري والثقافي مع الشعوب الأخرى، وهناك وجهات نظر متباينة بين المؤرخين فيما يتعلق بأي المدينتين قد حظيت بالتسمية الأولى بصور.
إن وقع الاختيار على ولاية صور العمانية لتكون الواجهة السياحية للوطن العربي، سوف يثري الولاية بوجه الخصوص وسلطنة عُمان بوجه العموم، آملا أن يكون ذلك حافزاً لكافة الأطياف ببذل الجهد المضاعف، وتقديم العطاء الإيجابي الذي تستحقه سلطنة عُمان وولاية صور.
لست بصدد الاستعراض بمحاسن ولاية صور وجمالياتها، لأنها حقاً لا تعد، ولا تحصى، وهذا الأمر لا يخفى على بصير، وفيها ما فيها من ثروات طبيعية وكنوز، تؤهلها لتكون ما هي عليه الآن، ولكني وجدت نفسي وقلمي يقوداني للتعبير عما يكتنفه قلبي من فرح وغبطة، عند قراءتي وسماعي للخبر، الذي تناقلته وسائل الإعلام، وقنوات التواصل الاجتماعي المختلفة عن المدينة التي أحب، ومن المؤكد بأن كل مواطن على أرض هذا الوطن الغالي، ومقيم يشاركوني هذه الفرحة، وما تم هذا الإنجاز إلا بجهود المختصين والمعنيين كل في مجاله، سواء أكان على المستوى الرسمي أو الشعبي، ولكل من أسهم وعمل واجتهد للوصول لهذه المكانة المشرفة، فلكم كل الشكر والتقدير، ووفقنا الله وإياكم لنكون عند حسن الظن، لمن أولانا هذه الثقة، ونوجه عظيم الامتنان لحكومتنا الرشيدة، وعلى رأسها مجدد نهضة عُمان الحديثة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق حفظه الله ورعاه.