2024
Adsense
مقالات صحفية

ادّعاءات الصهيونية

عبدالله بن سالم الحنشي

يرى البعض في الصراع العربي الصهيوني أنه صراعٌ بين طرفين، كلّ منهم يدّعي أن له الحقّ التاريخيّ في الأرض المقدسة، ولكن هُناك ارتباطات وتداخلات كثيرة تحد؟ث عنها الكثير من المحللين والكُتّاب والمطّلعين على القضية.

الصهيونية مصطلح تمّ اشتقاقه من جبل صهيون – وهو تلّة تقع في جنوب غرب القدس القديمة – وهي حركة سياسية وإيديولوجية نشأت في القرن التاسع عشر، تهدف إلى إقامة دولة قومية يهودية في أرض فلسطين، ولها اعتقادٌ راسخٌ بشأن إقامة “إسرائيل الكبرى” من نهر الفرات إلى نهر النيل، وذلك بحسب تفاسير التوراة في سِفر التكوين:

​​18 فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عَقَدَ اللهُ مِيثَاقاً مَعْ أَبْرَامَ قَائِلاً: «سَأُعْطِي نَسْلَكَ هَذِهِ الأَرْضَ مِنْ وَادِي الْعَرِيشِ إِلَى النَّهْرِ الْكَبِيرِ، نَهْرِ الْفُرَاتِ. 19 أَرْضَ الْقَيْنِيِّينَ وَالْقَنِزِّيِّينَ، وَالْقَدْمُونِيِّينَ 20 وَالْحِثِّيِّينَ وَالْفَرِزِّيِّينَ وَالرَّفَائِيِّينَ 21 وَالأَمُورِيِّينَ وَالْكَنْعَانِيِّينَ وَالْجِرْجَاشِيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ».

ومنذ دخول الصهيونية إلى أرض فلسطين منذ أول هجرة لهم بين عامي ١٨٥٠م و ١٨٨٠م، ومع ازدياد أعداد المهاجرين بعد عام النكبة في ١٩٤٨م، وإعلان قيام دولة الاحتلال الصهيوني المُسمّاة “دولة إسرائيل” مروراً بالحروب العديدة بينها وبين الدول العربية، تتأرجح القضية بين صعود ونزول في وسائل الإعلام والرأي العالمي، وثابتة في قلوب ووجدان المتمسكين بها والمؤمنين بأحقية الأرض والتاريخ من فلسطينيين وغيرهم. وطوال هذه الفترة عملت الصهيونية جاهدة على فرض الأمر الواقع من الاحتلال وزيادة الاستيطان وتهجير الفلسطينيين، ولكن الأهم من ذلك هي تلك المعركة التي كان يخوضها المحتلّ خارج الأرض، معركة التأييد والإعلام ونشر المعلومة.

تدّعي الصهيونية من خلال إنشاء كيانها المرتبط صراحة بالديانة اليهودية – بحسب مؤسسي الكيان – وضمنياً بعقيدة القتل والاغتصاب والكذب، بعدة ادّعاءات، منها: أحقية الأرض المقدسة وأقدمية تواجد اليهود فيها، ووجود الهيكل المزعوم تحت المسجد الأقصى، وهذه ادعاءات يعلمها الجميع لتواصل نشرها في وسائل الإعلام، ولكن هناك حقيقة واحدة يجب أن يؤمن بها الجميع بأن كل ما هو مرتبط بهذا الكيان عبارة عن كذبة وادعاء أو سرقة ونهب.

نجمة داوود أو النجمة السداسية وتُعرف أيضاً بخاتم داوود، وقد ارتبطت الآن بشكل لا يُصدّق بالعقل الباطني للجميع بارتباطها بالكيان الصهيوني المحتل، وهي ترتكز في وسط عَلَمه، ولكن ما لا يدركه البعض أن هذه إحدى الادعاءات الصهيونية. فالنجمة مرتبطة بالحضارة الإسلامية أكثر من ارتباطها بغيرها من الحضارات، فالمسلمون استخدموا النجمة السداسية في العديد من النقوش سواء في المساجد أو التحف الفنية أو العملات النقدية وأيضاً في المصحف الشريف والرايات، وقد تم استخدامها من قبل القائد العثماني خير الدين بارباروسا في قيادة الأسطول العثماني بين فترتي ١٤٧٠م و ١٥٤٦م وأيضاً من قِبل إحدى الإمارات التركية والتي تُسمى إمارة قرمان الإسلامية (١٢٥٠م – ١٤٨٧م).

العَلَم الصهيوني، ادّعاء وسرقة أخرى لهذا الكيان المحتل، فقد تم استخدام عَلَم مشابه لهذه العلم من قبل إمارة قرمان الإسلامية، فقد وُجِد عَلم بني قرمان ضمن خرائط الأطلس الكاتالوني (Catalan atlas) لصاحبة ابراهيم كريسكس (Abraham Cresques) وذلك في عام ١٣٧٥م. الأطلس الكاتالوني عبارة عن مجموعة من الخرائط المزخرفة والمجلدة مثل الكتاب، وكان مخصص لملك فرنسا، ويحتوي على العديد من الخرائط موضّحٌ به المعلومات الجغرافية والسياسية والاقتصادية في تلك الفترة.

الخريطة محفوظة في المكتبة الوطنية الفرنسية، قسم المخطوطات، الكود الإسباني 30. (رابط المخطوطة https://gallica.bnf.fr/ark:/12148/btv1b55002481n )

إن الادّعاءات الكاذبة والمستمرة لهذا الكيان تجدها في جميع مفاصل قصته الوهمية في أحقية التاريخ والجغرافيا، ولربما إذا ما تعمّق البعض في جغرافيّة القضية سيجد بعض الدراسات التي تشير إلى تلفيق هذا الأمر أيضاً، وقد تحدّث الكثير من الباحثين والمفكرين في هذا الأمر، منهم الدكتور محمد مصطفى في كتابه “التوراة الحجازية”، أما عن حاضرنا فإننا ما زلنا نشاهد ونشهد على زيف كلامهم وادعائهم حتى في تصويرهم لنا لقوتهم التي لا تُقهر، ومواصلتهم في زيف الحقائق والأخبار بشكلٍ يوميّ.

الحقيقة دائماً ما تظهر مهما طال انتظارها، والكفاح عقيدة لدى من يؤمن باسترداد الحق من المغتصب، والأرض المقدسة عقيدة لدى المؤمنين، ومن البحر إلى النهر، أرض فلسطين سترجع مهما طال الظُلم وتكبّر.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights