من يستغيث لغزة
هلال بن حميد بن سيف المقبالي
ونحن نتابع ما يحدث في غزة العزة، خلال 28 يومًا الماضية من إبادة جماعية لإخواننا المسلمين؛ تُسفك دماؤهم وتقتل أطفالهم ونساؤهم ويُقهر رجالهم، وتدمير للأحياء السكنية والبنية التحتية، وقطع أمدادات المياه والكهرباء وشبكات الاتصالات، وقصف المستشفيات والمرافق الصحية تلك الأماكن التي حُرِّم قصفها دوليًا في مواثيق وقوانين سنتها البشرية قبل المنظمات العالمية.
ناهيك عن قصف دور العبادة مساجد، وكنائس، تلك الخروقات التي يقوم بها الكيان الصهوني المحتل، على مرآى ومسمع من العالم كله ومن المنظمات التي سنت التشريعات والقوانين، وللأسف الشديد الكل عاجز عن اتخاذ أي قرار وكأنهم صم بكم عمي.
إذًا أين تلك القوانين والتشريعات التي يتغنى بها الغرب، ولماذا لا تظهر في الصراع الدموي الذي يقوم به المحتل ومن معه من الجبناء والخونة الموالين والداعمين له؟!، صراع لا يفرق بين صغير وكبير، وبين مسجد ومبنى، وبين كنيسة وشارع، وبين مقبرة ومستشفى، صراع قُتل فيه الأطفال والنساء وكبار السن، وهجر قسرًا الشباب والشيوخ والناجين من القصف الهمجي والممنهج.
أليس هؤلاء القتلة ممن يرضخون تحت قائمة هذه القوانين؟!
أليس هؤلاء البشر في غزة خاصة وفلسطين عامة ممن تشمله الحماية الدولية، وله الحقوق الكاملة من تلك القوانين الدوليه؟
أم أنها مجرد اتفاقيات على ورق أو أنها قوانين تفرض على المستضعفين من البشر دون غيرهم؟!
من يغيث غزة؟، ومن يقف مع هؤلاء المستضعفين؟
لماذا كل هذا الخذلان من الدول العربية والإسلامية؟!، هل يكفي فقط الشجب والتنديد والحجب؟!
هل لهذه العبارات طائلة لوقف هذه الإبادة؟!
من واقع الصراع هذه العبارات لا قيمة لها وكلنا ندرك ذلك؛ إذًا لماذا هذا السكوت هل هو الخوف أم هناك أمور أخرى لا يعرفها الشعب في أوطان هذه الدول؟؛
إذا كان الخوف من الصهاينة ومن حالفهم؛ فأقول لكم، “لا خوف منهم إذا تحالفا، {…وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10)}-[الأنفال]. فثلة قليلة من مجاهدي المقاومة استطاعوا دخول دولة الصهاينة، وقاموا بما قاموا به من عمل بطوليا أرعب الكيان الصهيوني، هز سلطتهم، كشف ضعفهم، ولو كان هؤلاء الفتية بعدد أكبر، وقوة وعتاد أقوى لأصبحت كل الأراضي المحتلة تحت قبضتهم، ولكن بهذه الامكانيات البسيطة قاموا بعمل عظيم، جنن رؤساء الصهاينة وأفقدهم التوازن الفكري، والأمني وزعزع الثقة في أنفسهم وإمكانياتهم وقدراتهم، وأوجد فجوة بينهم وبين شعبهم، ولولا أسلحتهم والدعم الخارجي من الغرب ومن بعض الخونة من الحكام الموالين للصهيونية لكانت نهاية دولة الإحتلال منذ الأسبوع الأول من معركة “طوفان الأقصى”.
“طوفان الأقصى” كشف لنا من هو الكيان الصهيوني وكيف هي قدراته، فكان أوهن من بيت العنكبوت، انتهت حقيقة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، والذي يعد من ضمن أقوى ١٨ جيشا في العالم، وفقا لإحصائيات موقع “غلوبال فايرباور” الأميركي للعام ٢٠٢٣ م هذا التصنيف الذي يضم القوة الإجمالية للجيش الإسرائيلي بجميع أسلحته وأفراده.
هذه القوة التي لا تقهر، والجاثمة على صدر الأمة العربية والإسلامية، ظهرت حقيقتها في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣م، على أيدي فئة، {…إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13)}- [الكهف].
هذه الدولة المتغطرسة أخفقت في حماية كيانها، وانكشفت في سهولة اختراقها واختراق تحصيناتها العسكرية بكل ما تشمله من جدار وحواجز إسمنتية وأسلاك شائكة وشبكات إلكترونية وتقنيات رصد متطورة، وكاميرات مراقبة؛ فكان توغل هؤلاء الفتية من المجاهدين المقاومين وسيطرتهم على معابر حدودية وقواعد عسكرية ومستوطنات في العمق الإسرائيلي، صفعة في وجه هذا الكيان الجبان (اذا كان له وجه من الأساس). ولولا التدخل والدعم والإسناد الحربي واللوجستي من القوى الأخرى، لخر هذا الكيان الصهيوني جاثيًا على ركبتية إذلالًا وانكسارًا، فما المانع من التصدي لهذه القوة المتغطرسة بعدما عرفنا من هي، وما هي نواياها؟!
لماذا لا نتحالف وندعم المقاومة كما تحالفت الدول الغريبة ومعاونيهم مع الكيان الصهيوني؟!.
أقل شيء تقوم به الدول العربية والإسلامية ضد التحالف على غزة؛ هو فتح الحدود والمعابر لشعوبها لمن يرغب في الجهاد، وتقف الدول العربية والإسلامية مع رغبة شعبها، وتضل هي على الحياد إذا لم تستطع تقديم شيء، وهذا طبعًا لن ولم يخل بسياساتها وتحالفاتها، ومعاعداتها الدولية، التي ما زالت متمسكة بها، وهي من أوهن العقود والاتفاقيات التي لم يعِ لها الجانب الآخر أي قيمة أو اهتمام لعلمه التام بأن هذه القوانين والمعاهدات هي مجرد أوراق ضاع عليها قطرات الحبر التي كتبت بها.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ ۚ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ ۚ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ}-[التوبة، آية:(38)].
أفيقوا من غفلتكم يا سادة، فكما جاء في المثل العُماني؛ (إذا حلق جارك بل رأسك)، فالمثل واضح لا يحتاج لشرح. فإذا سقطت غزة فحتمًا الدور قادم إلينا إذا مكثنا بهذا الاستسلام والضعف..!!
وَما نَيلُ المَطالِبِ بِالتَمَنّي
وَلَكِن تُؤخَذُ الدُنيا غِلابا
وَما اِستَعصى عَلى قَومٍ مَنالٌ
إِذا الإِقدامُ كانَ لَهُم رِكابا.
فالخيار لكم إما التحالف لجمح زمام هذا العدوان الصهيوني وتركيعه، أو الرضى بما سيحدث لنا لاحقًا.!!
اللهم فرّج عن إخواننا في غزة وفلسطين، وضاعف لهم الأجور، واجزل لهم الثواب.