2024
Adsense
الخواطر

عُمري الشهيد

مزنة بنت سعيد البلوشية

 هل حضرتم لجنازة شهيد؟

إنهم يهرولون ويركضون بسرعة، وفي تدافع رهيب، ويتزاحمون في نزاع حقيقي فيما بينهم بين من يحمل النعش!!

لدرجة أنك تسمع أحدهم يقول للآخر:

 بالله عليك أنت حملته، الآن حان دوري!!!

وفي نفس الوقت هناك أيادي كثيرة تحاول بكل جهدها أن تلمس جسد الشهيد، ولو أن أحدًا بينهم حظيَ بلمسه بسرعة يتبارك بها فيمسح بكفيه على وجهه!!

فعندما تصادف أحدًا لمس شهيدًا يقول لصاحبه: “اشمم إلى يداي بها رائحة الشهيد، اشمم إلى رائحة المسك!”.

فمن الغريب أن أكثر المسميات تتغير فجأة..

فبدل جنازة، تسمع زفة!

وبدل عزاء يصبح عرسًا!

وغالبًا ما تسمع أصوات نساء تزغرد!!!

وأطفال يركضوا ليجمعوا ملابس رمتها الجدة بفرح ودموع!

فعلى عكس الجنازات الثانية التي يطغى فيها الوقار والهدوء والسكون، جنازة الشهداء تصاحبها أصوات عالية، وهتافات مخيفة تنادي بالثأر والانتقام، وقد تلمح فيها دموع ما لا تشبه دموعنا أبدًا، فيها حزن على عزيز غادرهم، أو ربما يصعب أن تلمح دموعهم؛ لأنهم فجأة يتداركوها ويمسحوها عندما يتذكروا أنه قد سبقهم إلى الجنة!!

وفي نوع آخر من المشاعر صعب جدًا أن نتخيلها أو نصفها عند الموت؛ إنها مشاعر الغبطة!!

يعبروا عنه ويقولوا:

“يا أم الشهيد هنيئًا لكِ، أيا ليت أمي بمكانك!!”

فلا يوجد أحد عاقل يتحدى أناس ونظرته للموت؟!

أناس يصعب أن تحظى بينهم بمكانة، ربما يصعب أن يآمنوا ويعترفوا بك، ويصعب أن تحقق بينهم كمالك كإنسان إلا لو ارتقيت شهيدًا.

سلوكهم يستعصي على الفهم، وتشعر أنه غير قابل للتفسير..

أو ربما يمكن أن تفسره من زاوية واحدة فقط..

إن المسألة بالنسبة لهم ليست مسألة موت وموتى أصلًا مثل ما نظن..

يصعب أن نفسر سلوكهم إلا لو أدركنا أنهم مؤمنين، فالذين يحملونهم فوق أكتافهم ليسوا بموتى!!؛ “بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ”. [من آية: 169، سورة آل عمران].

 

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights