صوتك أمانة
سعيد بن أحمد القلهاتي
يقول الحق تبارك وتعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}-[الأحزاب، آية:72].
قد نستصغر أمر اختيار العضو في أحد المجالس البرلمانية، ونجعله يمر علينا مرور الكرام ولا نلقي له بالاً، {…وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ}-[من آية 15، سورة النور].
نعم، فإننا بلا شك محاسَبون حتى في إعطاء صوتنا لمن لا يستحقه؛ سواء كان ذلك بمجرد محاباة لقبيلة بعينها- بما يسمى بالتعصب القبلي-، أو لجارنا، أو لصديق، أو لعزيز علينا، أو مفاضلة في الأجناس، أو المذاهب، أو لِمَا هو أدهى وأمرّ من ذلك؛ وهو قبولنا للرشوات، والتي للأسف الشديد يُقدِم عليها بعض المترشحين -هدانا الله وإياهم-، وهي تكمن في العديد من الأساليب؛ كالهِبات العينية والمادية، كمبلغ زهيد لا يُسمن ولا يغني من جوع؛ بل وسيكون علينا وبالاً وحسرةً يوم وقوفنا أمام الله عز وجلّ، قال رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه:
(لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع، -ومن بينها عن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه)، فلنتّقِ الله في مكاسبنا.
أخي الناخب / أختي الناخبة: ليس بهذه الطرق يتم اختيار العضو المناسب، وإننا بمجرد إعطاء أصواتنا لمن لا يستحقها فنكون بذلك قد ارتكبنا إثماً والعياذ بالله، بل هو الفساد بعينه، فبصلاحنا نحن كناخبين سيَصلح المجلس ويرتقي للأعلى بإذن الله تعالى، وستزداد له الإمكانيات والصلاحيات التي يناشد بها بعضنا.
لذلك؛ فلنحسن اختيارنا فيمن يمثلنا تحت قبة مجلس الشورى، ذلكم المجلس الذي نتأمل فيه الخير والبركة والصلاح للوطن والمواطن؛ فباختيارنا للمترشح المناسب الكفؤ الذي نتوسم فيه القدرة والإمكانية؛ بلا شك سيكون لهذا المجلس الشأن الكبير والقدرة على تقديم ما هو جديد ومفيد لهذا الوطن الغالي ومواطنيه. فيجب أن ننظر للمترشح من جميع الجوانب؛ كالدرجة العلمية والثقافة، والأخلاق، والحكمة، وأسلوب الطرح والنقاش الراقي الذي يتّسم بالموضوعية والجدية وحُسن الحديث، ولعلّي هنا في هذا الجانب من المقال، وفي هذه الجزئية؛ ألا وهي جزئية اختيار الأنسب، أن أضع جملة قد يختلف البعض معي فيها، وهي: “عدم الميل للعضو الذي يتسم بطرح نقاشه وسط أسلوب الضجيج ورفع الصوت، والتهكم على ضيوف المجلس”، فهذا أراه من وجهة نظري المتواضعة أنه أسلوب غير حضاري حقيقة، وأسلوب قد يقلل من شأن المجلس في نظر المسؤولين والحكومة والآخرين.
لذلك أتمنى من كل ناخب وناخبة تحكيم العقل والمنطق في الاختيار، وعدم الميل لما تمليه علينا قلوبنا ونفوسنا التي دائماً يغلب عليها الجانب العاطفي في كثير من الأمور؛ وبالتالي فلن نكون قد أحسنا اختيار العضو المناسب، وكما تقول الحكمة: “الرجل المناسب في المكان المناسب”.
وأخيراً، أذكّر نفسي والقارئ الكريم بقول الله عز وجل: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}-[البقرة، آية: 281]. صدق الله العظيم.
وبالله التوفيق والسداد.