كذبة “حل الدولتين”
سالم البادي
خلال العقود الماضية، ظَلّ أعداء الإسلام وأتباعهم يروّجون للقضية الفلسطينية على أنها قضية صراع على أرض وحدود بين طرفين، وأوهموا العرب والفلسطينيين بأن حلّ هذه القضية هو بالتعايش السلمي وتعويض اللاجئين وتحسين أوضاعهم وتوطينهم في المهجر في بعض الدول، وإقامة دويلة علمانية هزيلة وهشّة بلا سلطة ولا جيش ولا هيبة ولا كرامة، وتعيش تحت سيطرة سلطة الكيان الصهيوني المحتل، ومعزولة عن العالم بحيث يكون الكيان المغتصب هو المسؤول عن توفير جميع الخدمات، من كهرباء، وماء، وغذاء، وغيره ….إلخ.
ولكن هؤلاء الذين عميَت أبصارهم، وطُمست قلوبهم، وغرّتهم الحياة الدنيا؛ لم يعلموا بأن صراع المسلمين والعرب مع اليهود هو صراع قديم الأزل، وذلك منذ قيام الدولة الإسلامية في المدينة المنورة بقيادة رسول هذه الأمة والبشرية جمعاء، سيدنا محمد -صلى الله عليه وآله وسلم-.
فقد ذكر الله تعالى في كتابه العزيز حقدهم وكراهيتهم للإسلام وقال: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ۖ…}- (المائدة، من آية: ٨٢). وقال سبحانه: {وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ… }-(البقرة، من آية: ١٢٠).
فمنذ بزوغ فجر الإسلام، واليهود في صراع وعداوة وكراهية ومؤامرات ضد الإسلام، وضد نبينا المصطفى -صلى الله عليه وآله وسلم-، فلم يسلم نبي الرحمة- صلى الله عليه وآله وسلم- من كيدهم وغدرهم وكذبهم؛ بل تعدى ذلك طغيانهم وكرهم له بمحاولاتهم الخبيثة قتله عدة مرات، مرة بمحاولتهم إلقاء الحجر على رأسه، وأخرى في حادثة السم، والثالثة لما سحره لبيد ابن الأعصم اليهودي.
وهاهم اليوم أعداء الإسلام ومن في زمرتهم من الغرب وأمريكا وغيرهم يدعمون هذا الكيان المغتصب والمتغطرس بكل ما أوتوا من قوة في سبيل قتل أطفال ونساء وشيوخ فلسطين المحتلة، وتهجير سكانها، وملىء سجونهم بالفلسطينيين والتضييق عليهم، وعزلهم عن العالم الخارجي من خلال إقامة الجدار العنصري الذي يعيق حريتهم ويشل حركة الحياة لديهم بأكملها، حتى يبقوا تحت رحمة هذا الكيان الصهيوني المحتل وسيطرته.
وليس مستغرباً استمرار دعم دول الغرب وأمريكا للصهاينة بأحدث التقنيات والآلات والقطع الحربية والعسكرية والأمنية؛ لأنهم وجهان لعملة واحدة، وهدف واحد يجمعهم وهو تدمير الأمة الإسلامية، وجعلها تابعة لهم؛ وخير دليل على خبث مؤامراتهم وكيدهم وكرهم للعرب والمسلمين استهدافهم المستمر منذ عقود لقتل الأطفال والنساء والشيوخ في سبيل إبادة الشعب الفلسطيني والقضاء على فصائل المقاومة الفلسطينية وتهجير سكانها،
ولكن هيهات هيهات لِما يمكرون ويكيدون، فإن نصر الله آتٍ لا محالة، وإن نهايتهم قريبة بإذن الله تعالى.
ألم يدرك العالم اليوم بأن صراعنا مع اليهود هو صراع عقيدة؟ صراع هوية؟ صراع حضارة وتاريخ، صراع بقاء ووجود؟
كم هي محاولات الكيان الصهيوني لحرق وتدنيس وهدم المسجد الأقصى الشريف؟
كم هي محاولات تحريض ودفع الصهاينة المتشددين لاقتحام المسجد الأقصى الشريف؟
كم هي محاولاتهم الدنيئة لقتل وجرح المصلّين الآمنين في المسجد الأقصى الشريف؟
كم هي محاولاتهم لتهويد القدس؟
كم هي محاولاتهم الخبيثة لتحويل المساجد إلى حانات للخمر والقمار؟
كم هي محاولاتهم القذرة لضرب وقتل الأطفال والنساء الحوامل وكبار السن والتمثيل بهم؟
وللأسف، كل الجرائم الإنسانية ومجازر الكيان الصهيوني المغتصب المحتل تحدث في كل ساعة وكل لحظة، وأمام مرأى ومسمع العالم، وتحت غطاء وحماية من قوى الشر، ولكن لا حياة لمن تنادي، ولا أحد يحرك ساكناً من قِبل المجتمع الدولي، وإن تمّ إقرار أممي بمحاسبة أو إدانة هذا الكيان المحتل يكون الفيتو الأمريكي والفرنسي والبريطاني حاضراً لإيقافه وعدم تمريره.
وبالرغم من هذه الأحداث وعبر هذه العقود الماضية، ما زالوا يتغنون بأسطوانة أن “قضيتنا هي قضية أرض وحدود”، وحلّها يكمن في إقامة دويلة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية؛ ليعيش فيها أتباع الديانات التوحيدية الثلاث.
ألم يعلموا بأن الدين عند الله الأسلام؟
ألم يعلموا بأن سيدنا إبراهيم عليه السلام يبرأ مما عليه اليوم اليهود والنصارى من شرك ووثنية؟ قال تعالى: {مَا كَانَ إِبْرَٰهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ}-( آل عمران، آية: ٦٧).
واليهود تاريخهم معروف بالخيانات والمكائد والدسائس والمكر والكذب والحقد والجحود والفجور، ومعروف عنهم بأنهم دعاة حرب وليسوا دعاة سلام، فهم يريدون استسلاماً وليس سلاماً مع العرب والمسلمين، وتاريخهم الأسود يشهد على ذلك.
اليهود لم يكونوا يوماً من الأيام صادقين مع أنفسهم؛ فكيف يكونوا صادقين مع الآخرين، والكذب والخداع والخيانة والغدر وحياكة المؤامرات والدسائس هذه من طباعهم وأخلاقياتهم وتجري في أفكارهم وعقولهم وتعاملهم كمجرى الدم في العروق، أضف إلى ذلك بأنهم ليس لهم عهد ولا ذمة.
لذا فإن أتباعهم وأصحاب المصالح والنفوس الضعيفة والعملاء الذين يتاجرون بالقضية الفلسطينية مصرّين على استمرار ومواصلة المفاوضات والمحادثات للاستفادة والتلاعب بالوقت حتى طمْس القضية وتدميرها ودفنها للأبد، ولكن هيهات هيهات أن يحدث هذا في ظل وجود المقاومة الفلسطينية الباسلة، والرجال الأحرار الذين عاهدوا ربهم ووطنهم وشهداءهم وشعبهم في مواصلة الجهاد والقتال والنضال حتى طرد المستعمر المحتل المغتصب، وتحرير كل شبر من أرض دولة فلسطين العربية.
فلن يدوم سلام ولا أمان ولا استقرار في المنطقة في ظل وجود الصهاينة إلى يوم القيامة كما وعد الله تعالى ذلك وأمرنا به، ونحن نتلوا كلامه في صلواتنا الخمس في اليوم والليلة، {…غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ }-(الفاتحة، من آية: ٧).
فالمغضوب عليهم هم اليهود، والضالين هم النصارى كما جاء في إجماع المفسرين.
فاليهود يعلمون جيداً نهايتهم في الدنيا، وأنها آتيةٌ لا ريب فيها.