خلفان بن ناصر الرواحي
(١) الحياة بعد تقاعدك من العمل تختلف تمامًا عما كانت في عملك ومع ممن كنت تزاملهم، فكأنها بمثابة جهاز دقيق لتنقية العوالق وبقاء الصفوة؛ وتنكشف لك حينها أسرار من كنت تلازمهم وتصاحبهم وتعمل معهم، وممن كانوا حولك، أو ما زالوا معك، أو من ينضم إلى صحبتك ومعرفتك مستقبلا بعد تقاعدك…
(٢) التقاعد كأنه بمثابة الفاحص والمختبر للمواقف؛ ليبقى فيه النخبة ممن عرفوك، وينكشف المستور، ويظهر نقاء معدنهم، ويتساقط منه المتسلقون ممن كنت تعرفهم وتتعامل معهم؛ فالعاقل من لا يحزن على سقوطهم، ولا يندم على ذلك؛ لأنه سوف يبقي لك حقيقة ما تملكه، ويزول فيه سراب ما كنت واهمًا أنك تملكه…
(٣) التقاعد يكشف لك أسرار التعامل، ويسكت قرع بعض المطبلين أو المتصنعين للود، الذين كانوا يتفننون في إسماعك طرقات كلامهم المعسول..
إلا أنه يسمعك جمال وهدوء صوت من لا يزال يحتفظ بصدق كلامه تجاهك ومن أجل بقاء ونقاء السريرة بينكما معا..
(٤) التقاعد لن يجعلك تترقب الاتصالات ممن كنت تتعامل معهم وتبادلهم الود والمحبة في بيئة العمل إلا من قلة؛ لأنهم انشغلوا بأعمالهم فلن تزعجك قلة الاتصالات منهم، وربما بعضهم قد تناسوا معرفتكم وأصبحتم من الماضي…!
(٥) التقاعد يجعلك تكتشف أن لديك وقتًا كافيًا تقضيه مع ربك وأسرتك.. في زمنٍ ربما كان يسرقه منك العمل أو أصحاب المصالح المتسلقون…
(٦) التقاعد حياة حقيقية وجميلة تكتشف فيها كثيرًا من أسرار الحياة المزيّفة التي كنت تعيشها؛ فأكثر من أعمال الخير والصدقة حتى لا تقول حينها “يا ليتني قدمتُ لحياتي”.
(٧) التقاعد حياة صافية هادئة من الصخب؛ فاشغلها بكل جميل، وعش ما تبقى من عمرك فيما يرضي الله ويريح قلبك المتعطش…
(٨) العاقل من تقبّل صوت الحقيقة، ولم يحزن على فقد سماعه صدى الأوهام المتعلقة بالوظيفة، أو كيف يقضي وقته بعد تقاعده!!
