2024
Adsense
مقالات صحفية

جولة سياحية في قرية الغيل، بولاية الرستاق

   درويش بن سالم الكيومي

أن بعض مسميات القرى الجبلية تشد الزائر والسائح، وخاصة عندما يصل ويرى الطبيعة الساحرة في الجبال والأودية والعيون المائية والمناظر الخلابة التي لا بد من الوصول إليها كمواقع ومعالم سياحية وتراثية وأثرية؛ ويدفعه ذلك الشغف لبثها عبر الصحف التي تهتم بنشر الأماكن الطبيعة. فلله الحمد بأن القرى الجبلية داخل سلطنة عُمان تمتاز بالكثير من المقومات السياحية التي يبحث عنها الزائر في نهاية كل أسبوع لقضاء يوم ممتع بها.

وفي هذه الرحلة سوف نحدثكم عن قرية جميلة لها طابع من البداوة؛ ولكن اسمها مميز جدا من بين المسميات المائية، ألا وهي قرية الغيل، اسم على مسمى يحمل الكثير من المعاني الشهيرة؛ فهو بمعني الماء الجاري على وجه الأرض في السواقي والأنهار والعيون، بل هو كل موضع به ماء من وادي ونحوه، وقيل عن الغيل بأنه الشجر الكثيف الملتف على بعضه، والغيل من الأرض ما تراه قريبًا وهو بعيد، وهو أيضًا لموقع في اليمن، وقرية في حاشد، وقرية بالجوف، ونهم، وغيل باوزير من أودية حضرموت غربي الشحر باليمن، والغيل أيضًا وادي بالمملكة العربية السعودية، وقرية في الرياض، وقرية في شمال سلطنة عُمان الحبيبة.

وقرية الغيل السياحية التي نتحدث عنها هي إحدى قري محافظة جنوب الباطنة بولاية الرستاق، وتبعد عن مركز الولاية “18” كيلومتر، ويمكن الوصول إليها بواسطة الطريق الأول بمعالجة سطحية والقادم من الولاية ويمر شمال مستشفى الرستاق، والطريق الثاني القادم من قرية الأبيض بولاية نخل وهو الأقرب مسافة إليها بحوالي “7” كيلو متر، وهو طريق ترابي تسلكه مركبات الدفع الرباعي، والثالث من الشارع السريع وهو مسفلت ومتبقي منه حوالي 2 كيلومتر.

عندما تصل إلى القرية- الغيل- سوف ترى بأنها تتميز بمعالم أثرية وسياحية والتي لا تزال باقية حتى يومنا الحاضر؛ فهي خير شاهد، ومن أشهر المعالم العجيبة، جامع الغيل والذي شيّد منذ زمن الأجداد ،وقد خصص له وقف من أشجار معينة تحيط به معروفة من قبل الأهالي بمال الوقف، وقد حدثنا عن قريته الفاضل/ سعيد بن سيف بن العقاب الحراصي حيث قال: “شكرا لكم على هذه الزيارة الطيبة، والشكر موصول لصحيفة النبأ الالكترونية التي تتفرد بنشر الأخبار المحلية والمواقع السياحية والأثرية”، وقد روى لنا أيضًا حكاية عجيبة عن الوقف الذي يتيع الجامع، وأضاف:”بأن أهالي القرية كانوا يجلسون تحت أشجاره الظليلة لتناول القهوة، وفي وقت القيظ تبتهج أشجار الوقف بالثمار وتغرى كل من يراها، ولا يستطيع أحد أن يقطف منها أبدًا إلا في حالة الطناء فقط، ومن قطف منها قبل ذلك تصيبه بعض الأمراض الجلدية، وقد حدثت عدة مواقف على أشخاص لا يعرفون السر العظيم الذي يحتفظ به جامع الغيل الذي لا زال مرتبطًا بوقفه حتى اليوم.

كما يوجد بالقرية ثلاثة مساجد أخرى قديمة يتردد عليها الأهالي لأداء الصلاة، ومن المعالم السياحية التي تتميز بها قريتي أيضًا برج أطلق عليه اسم القرية، وقد بني على شكل دائري فوق قمة الجبل ويحيط به سور من الحصى والجص، وموقعه يطل على القرية من جميع الجهات الأربع، ومن يزور القرية سوف يرى الفن المعماري حيث يتخيل له أنه أمام مبنى حديث البناء، وموقع آخر أطلق عليه “هاوية نجم”، وجاءت تسميته بهذا الاسم لأنه تعرض لسقوط نجم عليه وحفر حفرة عميقه جدا. وأضاف لنا بأن القرية ولله الحمد قد حضيت بمكرمات النهضة المباركة في العهد الزاهر الميمون، من وصول التيار الكهربائي وخدمة توصيل المياه بالمجان إلى البيوت السكنية، وإنشاء بها محطة إرسال الهاتف النقال، وطريق مسفلت بالمعالجة السطحية متبقي منه مسافة أقل من 3 كيلومتر عن البلد، ونطالب من الجهة المختصة الموقرة سفلتت الطريق بسبب ظروف التنقل من وإلى مركز الولاية”.

يعتمد أهالي قرية الغيل على الزراعة والماشية والجمال، وتربية مناحل العسل، وتكثر بالقرية الأشجار المثمرة؛ مثل النخيل، والليمون، والمانجو، والتين، والحناء، والشوع، وغيرها من الزراعات الموسمية؛ فهي مصدر للرزق، وتسقى كافة المزروعات بواسطة الأفلاج الداؤدية والغيلية، ويصل عدد الأفلاج إلى (7)، وهي؛ “فلج الغيل، وفلج حيل سمرة، وفلج المخطاء، وثلاثة أفلاج أطلق عليها اسم الرسة”، كما يوجد ثلاثة من الأودية الشهيرة وهي “وادي الحلحة، وادي الرحاب، وادي المحزاء”، وجميع الأودية تلتقي في وادي الغيل الذي يمتد جريانه أثناء هطول الأمطار إلى ولاية المصنعة. كما يوجد بالقرية عدة عيون مائية وهي “عين اللقلق ، وعين الضروس، وعين المرة، وكور المصيدرة، وجناة القرطة”، وبعض من تلك العيون يستفاد منها في علاج معين؛ مثل ألم الأسنان، وبعض الأمراض الجلدية التي تصيب الجسم، وهذا دليل واضح بأن وجود العيون بالقرية وميزة علاجها مرتبطة مع وقف الجامع- كما يعتقد بعض الأهالي-، ولا شك بأن أهالي قرية الغيل يتمسكون بالموروثات المحلية من صناعة السعفيات، والصوف، والفنون الشعبية مثل “الرزحة، والعازي، والقصافي، والتغرود، والهمبل على ظهور الجمال، وغيرها من الفنون التي تقام في أيام المناسبات والأعياد الوطنية.

وبعد أن تعرفنا على كل المعالم الأثرية والسياحية والفنون الشعبية والعيون المائية، ومن أجل التعرف أكثر على وادي الغيل المتسع تعمقنا بداخله، واتجهنا إلى جنوب القرية مسافة كيلومتر حتى وصلنا إلى مواقع تمتاز بغزارة المياه وتكثر بها الأشجار الظليلة؛ كالسدر والسمر، وتطيب معها متعة الجلوس والاستمتاع بمنظرها الخلاب، وهي تقع بين الوادي والجبل، حيث الهواء العليل ونسمات الطقس الباردة خلال هذه الأيام، وخرير المياه الجارية التي تأوي إليها الكثير من الطيور والعصافير الملحنة التي تبهج وترحب بأصواتها كل من يصل هناك ليقضي يوم ممتع مع العائلة والأصدقاء أو رحلة جماعية.

هكذا كانت رحلتنا السياحية إلى قرية الغيل، وتعتبر هي من أخصب القري بولاية الرستاق، وقد حباها الله تعالي بوفرة المياه طيلة العام، وقد شكل جريانها بداخل الوادي بقعة بيضاء تبهج النفس والعين عندما تقترب من سنفونية المياه المنعشة، وكذلك الحال بالنسبة لحظة الشمس وهي تعكس أشعتها على جمال الطبيعة الخلابة على طبقة المياه بطول مجري الوادي.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights