نداء إلى جهة الاختصاص الموقرة
درويش بن سالم الكيومي
باحثون عن عمل ومسرّحون يستغيثون، فمن يجيب النداء؟
رفقاً بالمواطن الباحث عن عمل وأخاه المسرّح.
إن الحياة لها من الظروف الصعبة الكثير، ونحن بلا شك مدركون تماماً بأنه مع العسر يسراً لا محالة، ولا شيء يتحقق في يوم وليلة، بل هناك مشوار طويل، فعلينا الانتظار والتريّث حتى يأتي اليوم السعيد.
إخوتي الأعزاء، لا أحد منّا ينكر الدور الكبير الذي قامت وتقوم به وزارة العمل الموقرة ممثلةً بدوائر العمل حول إيجاد الوظائف للباحثين عن العمل، وتسجيل وإجراء المقابلات في كافة محافظات السلطنة الحبيبة، سواءٌ في القطاع العامّ المدنيّ، أو العسكريّ، أو القطاع الخاصّ من الشركات، فهذا جهدٌ يُحسب للقائمين عليه، ولكن للأسف الشديد هناك نقاط سلبية ما زالت تتكرر في النشر، بأن الوظائق المطروحة لا تغطّي الكمّ الهائل من الباحثين عن عمل؟
وهناك أيضاً تحديد السنّ بالقطاعات العسكرية، ومن الأفضل أن يضاعف السنّ حتى يتحقق العدد ويصل إلى مجموعة كبيرة من الباحثين. وكما نرى المشهد في إخواننا المسرحين أيضاً بدون سابق إنذار، وبأعداد تصل إلى المئات في كل دفعة، فمن هنا تقع الكارثة على المسرّح عن العمل.
وللأسف الشديد، تتعلّل بعض الشركات بأنها لم تجد مشروعاً أو مناقصةً ترسو عليها طوال الفترة الزمنية، وهذا ربما يكون صحيحاً، أو أنه غير صحيح، ولكن ليس هكذا تُعالج الظروف بعنف وشدة ضد الموظف العماني الذي يتكفل بأسرة، وعليه التزامات مالية وقروض بنكية، وشركات تمويل وغيرها من الظروف المعيشية.
وتوجد شركات أخرى تتأخر في تسديد الرواتب للموظفين لتصل إلى عدة أشهر، فأين المحاسبة من الوزارة الموقرة على مثل هذه التصرفات؟ ناهيك عن أن المسرّح الذي يتأخر راتبه ينتظره التنفيذ مباشرة. وبالمقابل، تحافظ الشركة على الموظف الوافد معززاً مكرماً براتبٍ عالٍ ومسكن بالمجّان مريح، وحوافز مستمرة لا تتغير إطلاقاً.
ولو بحثنا لوجدنا بأن الشركة لديها مشاريع وأنشطة قائمة، وليس هناك أسباباً تُذكر في قرار التسريح، ولو كانت تلك الشركات تحاسَب من جهة الاختصاص لما اتّخذت ذلك القرار التعسفيّ، وهذا الموقف تكرر عدة مرات ومستمر من القطاع الخاص، ويبقى المواطن المسرّح عن العمل يتردد على المواعيد والجلسات الحوارية، وربما يحضر مسؤول الشركة أو ربما لا يحضر، وتُحال الدعوى إلى عدالة المحكمة الموقرة، وتبدأ فترة زمنية أخرى في الحضور والتأجيل والجلسات والحكم والاستئناف والتنفيذ، وأخيراً ينضمّ المواطن إلى قائمة الباحثين عن عمل.
فنحن نعلم بأن هناك جهوداً قائمة من قبل وزارة العمل الموقرة في وضع حلول عن تأخير الرواتب والتسريح، ونأمل بأن تكون الحلول سريعة وصارمة في هذه المواقف التي يتعرّض لها الموظف العمانيّ، وبموجب ذلك يتفاقم عدد الباحثين عن عمل.
وبالمقابل اليوم ربما تصل نسبة الوافدين إلى 70% ممن يعملون في القطاع الخاص، ولا تحقق بعض الشركات نسبة التعمين المقررة، ولدى الشركة آلافاً من الوافدين، ولديها نسبة التعمين منخفضة جداً تصل إلى 3% ولا نرى به إلا سائق وحارس ومندوب عماني، وفي بعض الشركات الحديثة نرى الوافد هو السائق، ويستلم راتب (300) ريال، وبقية الوظائف الإدارية للوافدين، فكيف نوافق للشركة باستلام ترخيص به مئات من العمالة الوافدة ولا تلتزم بنسبة التعمين.
من المهم لدينا هو متى سوف تُحلّ العمالة الوطنية محلّ العمالة الوافدة التي تأكل وتحوّل خيرات البلد؟ أمَا حان الوقت حتى الآن وإلى متى ننتظر وأعداد الباحثين يزيد يوماً بعد يوم، وهناك خرّيجين جامعيين ينتظرون فرصتهم في الوظيفة، وآخرون وصلت أعمارهم إلى الثلاثين لا تقبلهم الشركات.
ولماذا لا تُعَمّن كل المهن والوظائف الإدارية والقيادية والإشرافية للمواطن العماني وغيرها من الوظائف الدنيا؟ فعلى سبيل المثال: وظيفة سائق خفيف أو ثقيل يجب أن تُعمّن للعمانيّ في كلٍّ من القطاعات الحكومية والشركات الخاصة والمؤسسات، حتى ولو يبدأ براتب ( 350) ريال، ويُدعم من قِبل الحكومة الموقرة بمبلغ إضافيّ وقدره (150) ريال، ومتى ما وصل راتبه في عمله إلى (500) ريال يُرفع عنه الدعم، وأمّا في الوظائف الإدارية فلا تحتاج إلى دعم، فيجب من الآن البدء بالإحلال التدريجي للعمالة الوافدة، وهكذا سنتمكن من تذليل الصعاب والظروف أمام المواطن الباحث عن العمل، ويصبح لدينا في المستقبل عمالة وطنية قادرة على العمل، وتحقيق الطموح في كافة المجالات الإدارية، ونأمل أيضاً بأن يكون هناك تدخّل حكوميّ مباشر من الآن في ذلك المقترح، وإيجاد حلّ سريع، فالمواطن هو من له الأولوية في خدمة وطنه والذود عنه والاستفادة من خيراته، ولله الحمد لدينا كفاءات عالية قادرة على العمل في كافة المواقع والميادين القيادية.
وكما نرى بأن التعمين 100% تتميز به أربع قطاعات حيوية في السلطنة من ناحية التوظيف والتدريب والتأهيل والترقية للموظف العماني، ألا وهي قطاعات البنوك والتأمين والتمويل وقطاع شركة الشيخ محمد البرواني له كل الشكر والتقدير، وهذا ما نطمح إليه في المستقبل إن شاء الله.
وكلنا أمل بأن تقوم جهة الاختصاص الموقرة بالسعي في إيجاد الحل المناسب للتقليل من الأعداد الهائلة للباحثين عن العمل.
وأعتقد أن الإحلال التدريجيّ والتعمين لكافة الوظائف الإدارية والقيادية والإشرافية والمهن سوف نصل إن شاء الله إلى ما نصبو إليه في المستقبل، ونحن على يقين تام بأن هذه المشكلة ليست في عمان فقط، بل هي في كل دول العالم والدول العربية والخليجية، ولكن كل مشكلة ولها حلّ معيّن سوف نصل إليه، فالوطن غالٍ علينا ولا يحقق ذلك الطموح إلا فئة الشباب أبناء الوطن رجال المستقبل.