حكايات ليلية
عبدالله بن حمدان الفارسي
للّيل حكايات نصفها سهر عين، رجَت أن تلتقي بك على مخمل الودّ، تُبحر في محيطات الهدوء، تبحث عن سكينة في محاجر عيونك الثائرة، تتلعثم النظرات في رحلة السفر إليك، حين تُنهكها عباب العواطف الجائرة.
ما زلتُ أعبث بمشاعري بحثاً عنك، رغم المسافات وتعاقب السنين، عبثاً لا يليق بشيخٍ قد فارق مقعد العنفوان، واتّكأ على عصا النسيان، إلا أنّ الذكريات تأسرني إليك، فلا أجدني إلّا طريحاً على قارعة السطر، وقلم ينتزع ما تبقّى من روائع الكلمات.
ليس بيدي تجنّب الليل ووقت السَّحَر، فما يتملكني من أفكار مترنحة ومتمردة مكمنها قلبي، هي بذاتها من ترفض أن أسافر بعيداً عن ذكرياتك، في عمق السنين تُنحَت الآهات والتنهدات، لتكون شاهدة عصرٍ على ما كان وما زال.
أيها الليل الساحر الجميل، كم تسعدني همساتك ونسماتك، وكم هي رائعة خشخشة خطواتك على قلبي، حينها تبتهج الفرحة في ساحة أعماقي، تبشرني بزيارتها المستحيلة واقعياً، ولكن للخيال حياة فيها إبداع، يفوق روعة الخيال نفسه.
بقَدر الألم وجَور البُعد والحرمان، إلا أن للذكريات معها رياض شاسعة، غرستها عناقيد الوفاء، فيها تحلّق بنات قلبي، ونبضات عقلي، تعوم في حقول الغرام بهجة، تسرد لأوراق الزهر حكايات عشق سرمديّ، تكتبها بنورانية على فوانيس الزمن، تحتسي الأمل، تتجرع الصبر، تنتظر أجراس العودة لتُقرع مؤذِنةً بعودتها.