زوينة بنت بطي اليعقوبية
الحكايات التي تسرق أعماقنا قبل أعمارنا، هي تلك الحكايات المعلّقة التي لم تكتمل.
تلك الحكايات التي كان أبطالها عابري سبيل، ليس إلا، يتسللون إلى قلوبنا ويمضي كلّ منهم وقد ظفر بشيءٍ ما.
كم مرة كُنّّا ضحايا لسارقي الأعمار. كلّ الحكايات كانت مجرّد أحلام يقظة، أو أطياف وهم، تلاشت مع أول نسمة هواء.
في مدينتي ترحل الحكايات سريعاً، حكايات الآباء الذين رحلوا ولم يتركوا لنا سوى مسبحةٍ وعُكّاز وسجادة صلاة، وكومة من الأدوية تترك فينا وجعاً كلما ظفرنا بها في مكانٍ ما.
حكايات الحارات العتيقة بجدرانها المتهالكة، وأبوابها الموصدة، حكايات العرائش والكروم ولعبة الغُمّيضة والدمى المصنوعة من بقايا أقمشة الجدّات.
حكايات الشتاء بلياليه الباردة، التي ترتعش فيها أجسادنا الصغيرة تحت وطأة الأغطية، وكأن تلك الحكايات كانت وطناً آخر نسافر إليه كل ليلة، فتارةً مع سندريلا وحذائها الذهبي، وتارة مع ليلى ذات الرداء الأحمر، تلك الحكايات التي أعيدت على مسامعنا آلاف المرات دون أن نشعر معها بالملل أو السأم.
في مدينتي ترحل الحكايات باكراً، ولكن تبقي الذكريات عمراً.
كل حكاياتنا سماء، ولكن لا أحد يطير.
