2024
Adsense
مقالات صحفية

رَســائـِـل فُـــؤَاد_ ج_١٤_ من الحـياة_ {وبالوالدين إحسانًا}

فؤاد البوسعيدي

..سمعت أحدهم يقول بلهجته المحليّة العامية واصفاً سلوك البعض، وعلى ما يبدو كان مِعبِّـراً باختصارٍ ومتحدثاً واصفاً غرابة الأوضاع التي يشاهدها بعينيه، وكذلك تلك التي أصبح يعيشها وتبدُر عن الكثير من النّاس بمختلف فئاتهم.. (الدّنيا دوارة وما في شيء يبقى على حاله)؛ أعاد تلك الجملة مرّاتٍ عدّة وكأنّه كان يبعث ببعض الصّبر في نفسه نتيجة ما رأى من شأنٍ كان لا يعجبه أو أبداً كان لا يروق له..؛ كما أنّ هنالك من يكرّر القول كثيراً (ربّك ما يضرب بالعصا..) وكأنّه يشفي قلبه مِمّا هو فيه من القهر تجاه أمرٍ من الأمور.

… يقال أحياناً بأن مرور الزّمن طال أو قصر قد يكون كفيل بتأديب من لم تؤدبه بعض الأحداث التي مرّت عليه في الأيّام الماضية أو حدثت مع غيره، فسمعها دون أن يستنتج منها الفوائد التي قد تكون خبرات سابقة مستمدّة وتكون عوناً فكرياً له في حاضره ومستقبله القادم..؛ نقول من لم يتعلم الإحترام وحسن المعاملة ستأتي إليه أحداث الأيام الحاضرة والقادمة بما ستُظهر له طريق النّور المفقود ليكون بديلاً عن طريق الجهل الذي قام باختياره فقام بعدها باعتباره وأخذه مساراً عابراً له يمشى فيه من وإليه كثيراً دون أن يرى في غير ذلك السبيل نوراً يقوده ويعيده إلى حيث الصّواب.

.. يقال بأنّ النّصيحة التي نقدّمها نحن أو قد يقدّمها الآخرون قد تكون أحياناً غير مجدية عندما لا يتقبّل المنصوح من الآخرين العظة والإرشاد؛ النصيحة التي تحاول تقديمها لأحدهم عليك أحياناً أن توفرّ وقتك الثمين، فما كلّ شخص قابل للإقناع أو به من المرونة ما يجعله يغيّر أفكاره؛ أحياناً النّصيحة تكون عديمة الجدوى عندما يكون من يتلقّاها ذي عقل لا يتفكّر بتجارب وخبرات الآخرين في الحياة.

يقول أحدهم.. من حقارة ما رأيت في الحياة بأن شاهدت من اعتاد منذ فترة ليست بالقصيرة على معاملة والديه بقسوة لفظيّة وعنف معنويّ وتعنّت فكريّ شديد مُتناسياً فضل الوالدين عليه، متعالياً عليهما باللّفظ والكلام الملسوع الذي لا يليق بمكانة ومنزلة الوالدين العظيمة، ومتكبراً لا يلين قلبه عليهما أبداً وكأنّه قد خُلق بقلبٍ من الحجارة وشراييناً من قطع الكريستال الزجاجية؛ يضيف القول وفي وجهه يظهر الأسف وتظهر مشاعر الأسف والحزن في نبرات صوته بأنّ كثرة النصيحة وتكرار الإرشاد من هذا وذاك لم يؤتيا ثماراً ونتيجةً معه أبداً؛ بل مستويات التّعنّت تزيد بين يومٍ وآخر دون اعتراف بمنزلة الوالدين ومقامهما الذي عظّمه المولى تعالى {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء:٢٣]؛ فهل يا ترى الإنسان قد يصل إلى أنْ يغَيّب عن نفسه الحكمة والصّواب حتى يصل إلى المرحلة التي يظنّ فيها بأنّه قد أتى إلى الدّنيا بدون الوالدين الذين تعبا وسهرا كثيراً من أجل راحته صغيراً وإلى أن قام مقامه في هذه الدّنيا؟!!.

نقول كما قال غيرنا من قبل… لا بركة ولا سعة في الرّزق ولا زيادة ولا وفرةٍ في عطايا الرازق الرّحمن من دون تمام رضى الوالدين؛ وذلك بالتأدّب أمامهما وبرفع مقامهما وبـبرّهما كما أُمِرنا بذلك في كتاب الله الكريم {…وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا…}-[ من آية:٣٨ سورة البقرة]. يجب على البعض أن يتذكّر دوماً بأنّه لا بسطٌ في الخيرات دون تكريم الوالدين، وكما ينبغي ومثلما يُبتغى أن نعطيهما علوّ وسموّ المقام والتّقدير الكبيرين الذي يستحقّهما تكريماً تعظيمًا لمكانتهما؛ أحياناً قد يجد ويحصل ذلك الشّخص العاق لوالديه من ينصحه ويعظه ويوجّهه من الأصدقاء والزملاء الذين قد يستنكرون عليه فعله السيء تجاه والديه؛ قد يجد من بين أقاربه أو أحد ما في محيطه مجتمعه من يقابل حماقة أفعاله تجاه من ربّياه صغيراً بالإرشاد والتنبيه على سوء العاقبة حتى وإن كان أبداً لا يستجيب ولا يقتنع بالنّصح.

أخيراً وليس آخراً.. هل تعلمون من هو أسوأ البشر بل الأكثر سوءاً من ذاك الذي يتجبّر على والديه..؟!
إنّه ذلك الصديق الذي يرى جبروت صديقه وهو يعامل بإجحاف والديه ولا يقوم بنصحه وإرشاده ولا يقوم يتوجيهه وتصويب أخطاؤه في تعامله مع والديه؛ ذلك هو الأسوأ حيث لا خير في شخصٍ وصديقٍ مثله،.. ومثل هذا الصديق مثلما رضي وسكت وهو يرى فداحة ما يقوم به غيره من سوء معاملة والديه هو غداً في المستقبل سيقوم كذلك بالإنقلاب والتّجبر على صديقه.

نسأل الله هدايةً للجميع وبِرّاً يستحقّه الوالدين…

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights