العيد عودة للفرح والموروث
مياء الصوافية
أيها العيد، يا من قدِمتَ إلينا من عالَم البهجة، حيث البشارات المنتظَرة لك على حافّة القمر في ليلةٍ فضّية الألق، قرمزية المدى، وضّاءة البسمات؛ لتزفّ طيوفك إلى عرائش القلوب المنتظرة فرحتك، المحدقة بعيونها على طول مداها ترقبك على بدايات طريقك الهازج، علّكَ تأخذها إلى دروبٍ ما عادت تسلكها، سلكتها يوماً مضى حين كان يرافقها الدفء على قيثارة ومزمار، مغنّياً لها الحلم المتّسع مع وقع الغيوم، وهي تتراقص على امتداد السماء المليء بالفرح، وألوان الأمنيات طويلة الأنفاس الممتدة حتى ترتدي ثوب الشفق.
أيها العيد، إن قدومك مع الفرح هو قدومك بعفويتك البيضاء، التي أتيتَ بها لتضمّد جروحاً ما زالت تنزف وراء الصمت، وأمام ماضيها الذي تركها بعد ما كان كدفء متعمق معها كفطرة الأرض وغطاء السماء.
أيها العيد السعيد، ما زالت الأماني معك بذوراً، وإن احتست الخيبات في يومٍ عاصف، وطار معطفها خلف جبال الثلج البارد في دوّامةٍ لا تعود.
أيها العيد البهيج، أقبلتَ حيث الوداد على وشك التلاشي، لكنّكَ أعدتهُ بمحبتك، وبارتواء أحضانك، وأصالة دمك الذي تدفق على أرض الرحِم، فنبتت منك عهود الوفاء بعبق رياحين السلف.
أيها العيد، ما أنت إلّا فرحة تختبئ في عيون الصغار، كقطعة حلوى، وكأنشودة حيويّة تشعلها الغبطة، وما أنت إلا رسول سلام أتانا حين رفعنا راياتك البيضاء، وردّدنا حين قدومك شعارات الألفة، وكفوفنا حينها تجني بياض النور مع فجرك الآمل.
ما أنت إلّا محبة أعدتها بعدما كانت مختبأةً وراء قصور الفكر وبلبلة المزاج، وها أنت ذا قد أظهرهتها بيدك، وعنفوان شبابك الذي لا يشيب؛ فأنت أفراح معلقة على أثوابٍ طيفيّة تباشر أن تتحرك نحو وجهات كل القلوب.
أيها العيد، إنها دائرة الزمان، معك وبك تعود الأصول إلى اتّساع صدورها، وطبيعة هويتها، ولحمة مجدها ودثار كنفها، فتحت أفياءك؛ لتنبت بها وُرود الوصل برائحة الوفاء، وأوراق الحقل القلبيّ الأخضر.
إنك تقتبس من وطني معنىً للإسلام الخالد فتضيء وجوهنا بقبس يحرك التقوى على قلوبنا الرضية بعدما عاشت معنى الفطرة من أسلافٍ علموها كيف تكون أيها العيد على طبيعتك، ونكون على طبيعتنا معك؛ فهنيئاً لنا بك وهنيئاً لك بنا.
وكل عام والجميع بخير.