تحتفل صحيفة النبأ الإلكترونية بالسنة السادسة لتأسيسها
Adsense
قصص وروايات

نبوءة سماوية على هيئة رجل

منال السيد حسن

 

الحب هو ذاك الشعور الذي يتغلغل فيك حتى يلامس أقصاك، ويجتاح دواخلك ويجعلك تؤمن بأن كل شيء في شرعه مقدس ومنزه، يُشعرك بأنك ولدت من جديد، هو تلك المنطقة المجهولة التي تسكن أعماقك ولم تطأها قدم أحد قط، هو ذاك المكان الذي يدق لأول مرة ولا ندري بأنه يسكن فينا، حياة جديدة مُفعمة بالسلام لا ندري بأنها تنشأ فينا إلا حين نحب، كأننا نعرف دواخلنا لأول مرة، كأننا نكتشف أنفسنا من جديد، كأننا لم نكن نحن من ذي قبل!
ستة أعوام ونصف مضت، كانت سببًا لجعلها أسعد كائنًا بين أهل الأرض، تخلل حبه إلى أعماقها وتوزعت نظرته في روحها، شيءٌ ما تسامى بها حد الدهشة.
“الآن أنا أعيش في سلام داخلي” قالتها وهي موقنة بأن ما شعرت به منذ نظرته الأولى، لم يكن حُبًا على الإطلاق، بل كان مزيجًا رائعًا من الموت حبًا والجنون، القديسة (تيريز الكرملية) تقول: “نحن لا نحب لنمشي، بل لنطير”، حبه العظيم فجَّر لديها كل إحساس جميل بالأمل والحرية، كأنهار عذبة جرت في دواخلها.
ستة أعوام و نصف، لم يُنقص من قدرها شيء؛ بل أنقص من عمرها أعوامًا فجعلها كطفلة في الخامسة عشرة من عمرها، شعور مُزمن بالأمن والأمان يتفاقم في نفسها العذبة، حب طاهر نقي يلازم نظراتهما العميقة، صخب أحلام لا يهدأ، وبُركان مشاعر لا يخمد، ستة أعوام ونصف ولا زالا على العهد حتى الآن، ذلك الانخطاف الروحي الذي يجتاحها حيث تطل من عينيه نظرة رضا لا زال حتى الآن بكامل أناقته ورونقه، أربعة أعوام و نصف ولفرط الحب فيهما والود، شعرت وكأنهما بمساحة عمرها كله.
ثمة أشخاص لا نشعر بأننا على قيد الحياة إلا حين وجودهم، نألف حضورهم و نشعر بوهج الوصل حين تواصلهم، لهم جاذبية خاصة تجعلك تفرغ كل الطاقات السلبية بداخلك، تشعر معهم بجميل البوح؛ فتشع أملًا وحياة. كان متفردًا في أسلوب تفكيره وطريقة تصرفه معها وحسن تدبيره للأمور، كان يؤمن بأن قيمة الشيء المشتهى تتناقص ما أن يصبح في متناول اليد، لذا فقد كانت لديه القدرة في الحفاظ على ذكاء المسافة في الحب، فقد كان يُولّد في نفسها حالات توقٍ ومن ثم ارتواء جميل.
(أوسكار وايلد) يقول في مكان ما: “ثمة مُصيبتان: الأولى ألا نحصل على الأشياء التي نريدها، والثانية أن نحصل على هذه الأشياء”، لم تكن تدري عن مفهوم الرضا شيء إلا حين وجوده، فبكل ما أوتي من قوة وما تسامى به من إعجاز هذَّبْ في نفسها ضجرها الدائم في عدم تقبل الأمور كما ينبغي، فمهما كانت الأشياء التي نريدها أو نشتهي امتلاكها لا بد من سعي دائم لتحقيقها، والرضا بالنتائج مهما كانت، وأنّ معاناة الشعور بالعجز ستكون بداية جديدة لسعيٍ جديد وحلمٍ جديد ورضا يعقبه فرح.
زَين حياتها بكل إجلال بعاطفة حبه اللامتناهية، مهما كانت مصائرها السابقة بالنهاية فقد آل إليه مصيرها، ظل المدخل الأثير إلى نفسها وروحها، هو اليد التي تمتد بلا ضجر لمساعدتها، والعقل الذي يحسن التفكير ويؤمن بأن الله سبحانه و تعالى عنده حسن التدبير، يظل فيها كما عهده، الأثر الذي لا يُمحى من النفس، حالة الطُهر التي تسمو فيها الروح، رجاحة عقله وتفكيره -رغم أمزجته المختلفة- تظل محتفظة برونقها وشموخها في نجاح مسيرتهما سويًا.
“لن أواري خجلي في أن أكشف لكم بأنني في الحقيقة أعشقه حد أن أذوب أحيانًا ولا أدري، ورغم هذا لا أعرف ما هي طبيعة شعوري نحوه على وجه التحديد!! أهي عاشقة مجنونة أمْ أُمٌ أنجبته ذات مساء” قالت جملتها الأخيرة تلك وتدثرت بردائه الذي تركه لها ذات لقاء وغطت في حلم عميق.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights