حقوق المشتركين ضائعة..!
مقال : حقوق المشتركين ضائعة..!
سيف بن سالم المعمري
لا تخلو أحاديث مجالسنا من تناول حقوق المشتركين الضائعة في خدمات الكهرباء والمياه وكذلك الاتصالات، ومن يدلف إلى صالات الخدمات لتلك المؤسسات يجد حالات الشد والجذب بين المشتركين والموظفين المختصين، وفي أغلب الأحيان يخرج المشتركون من الصالة خالي الوفاض ليس لأنهم على غير حق، بل لأنهم لم يجدوا الإجابة الشافية المقنعة للموضوع محل الخلاف.
فالشكاوى المتكررة للمشتركين في خدمات الكهرباء والمياه تتمثل في التباينات الواضحة في قيم الاستهلاك بين شهر وآخر، ونوعية القراءات بين الفعلية والتقديرية، وعدم وصول الفواتير إلى المشتركين، وجميع تلك الشكاوى لا تجد من يحتويها ويطمئن المشتركين بأنها ستأفل بعد عهدِ قريب، بل إن كانت الشكاوى تتعلق بالأخطاء الجسيمة، والارتفاعات الفلكية في قيمة الاستهلاك الشهري، فلن يجد المشترك من ينصفه، وسيدفع رغمًا عنه، بعد أن تتقاذفه المؤسسة بالأخرى، وييأس من إخلاء كل جهة مسؤوليتها، ولن يجد المشترك من يحتضن شكواه، فشركات الكهرباء تحاول إخلاء مسؤوليتها بإقناع المشتركين بأنَّ مسؤوليتها تتمثل في قراءة وتحصيل الفواتير، وهي ملتزمة بذلك مع الهيئة العامة للكهرباء والمياه، وتتغاضى بعض الشركات عن مسؤولية القراءة مكتفية بالتحصيل فقط، وبعضها أوجد آلية القراءة الذاتية للمشتركين، وتفعيل القراءة والتحصيل عن طريق جهاز الدفع الآلي أو تطبيقات الهواتف الذكية؛ ولكن لا تزال تلك الأدوات غير مطمئنة قياسًا بالأخطاء التي عهدها المشتركون من شركات القراءة والتحصيل، ولأنّ هيئة تنظيم الكهرباء، والهيئة العامة للكهرباء والمياه هما المؤسستان المعنيتان بمتابعة وتنظيم قطاعي الكهرباء والمياه، فلن تقفا في صف المشتركين، بل ستنتصران لإجراءاتهما، وسيرغمان المشتركين إما الدفع أو قطع الخدمة، بل إنه مما يؤسف له أن الموظفين المختصين في صالات خدمة المشتركين يحاولون التملص من المسؤولية، وفي أحيان كثيرة يعتذرون بعدم الإلمام بآليات القراءة والاحتساب، مما يزيد من معاناة المشتركين، ويشعرون بأن حقوقهم ضائعة، ناهيك عن حقوق المؤجرين للعقارات والذين تكثر لديهم قضايا ترك المستأجر للعقار دون دفع فواتير الكهرباء والمياه والصرف الصحي لعدة شهور، ثم يجبر صاحب العقار -بعد إخلاء المستأجر للعقار- إما الدفع أو قطع الخدمة، ورغم تكرار الشكاوى والقضايا في المحاكم حول تلك القضية إلا أن هيئة تنظيم الكهرباء لم تقم بإلزام جميع شركات الكهرباء بحل تلك القضية من خلال استبدال العدادات الحالية(التقليدية) بالعدادات ذات الدفع المسبق، والتي تم تطبيقها في بعض العقارات التجارية في محافظة مسقط وأثبتت نجاحها.
أما شركات الاتصالات فهي ليست أفضل حالاً، فرغم التوسع الجغرافي الملحوظ لصالات الخدمات لعمانتل وأريدو، بالإضافة إلى التوسع في منافذ البيع إلا أن المشتركين لا يجدون الإجابات الشافية المقنعة على استفساراتهم من الموظفين المختصين في صالات خدمة المشتركين لتلك الشركتين، ويطلب الموظفون من المشتركين الاتصال المباشر بمركز الاستعلامات بالشركتين؛ للإجابة عن الاستفسارات والإشكاليات الفنية التي تعترض الخدمة، ويعتذرون بعدم الإلمام بطبيعة الإشكالية أو التفاصيل الفنية لعروض الباقات، فضلاً عن أن الباقات التي تعلن عن شركات الاتصالات وخاصة ما يتعلق منها بخدمات الإنترنت أشبه ما تكون بعروض وهمية، كربط عرض استهلاك الباقة بساعات ما بعد منتصف الليل حسب التوقيت المحلي للسلطنة، أي حين يكون المشترك نائمًا!!! إضافة إلى ذلك تقوم شركات الاتصالات ببيع باقات الرسائل النصية(sms) إلى الشركات التجارية لترويج بضائعها وخدماتها، وعلى أثر ذلك تقوم الأخيرة بإرسال رسائلها إلى المشتركين دون أخذ الإذن منهم بقبول أو رفض الرسائل الترويجية وهو انتهاك لحقوق المشتركين، وأحيانًا تقوم شركات الاتصالات بتخيير المشتركين بين قبول الرسائل الترويجية أو إرسال كلمة “إلغاء” مقابل مبلغ مالي معين، ولا يعلم المشتركون على أي أساس قانوني يطلب منه “إلغاء” خدمة بمقابل مالي معين، وهو لم يطلب الخدمة في الأصل!!! وفي المقابل وحين تحدث انقطاعات في الاتصالات ولظروف فنية، لا تعوض الشركات المشتركين بفترات الانقطاعات وقد حدثت لعدة مرات خاصة لمشتركي عمانتل، آخرها كان قبل أكثر من 3 أعوام حين انقطعت خدمات الاتصالات والإنترنت لمشتركي عمانتل ولمدة 9 ساعات تقريبًا، ولم تقم الشركة بتعويض المشتركين عن تلك الساعات التي كبدت المشتركين أعباء إضافية نتيجة تلك الانقطاعات!!
وبلغ الأمر أكبر من ذلك، حيث تقوم شركات الاتصالات بتقديم عروض لباقات الاتصال والإنترنت، وتربط تقديم الخدمة بشرط جزائي، دون تبصير المشتركين بشكل كاف عن تلك الخدمات والعروض، وتفاصيل العقد المبرم بين الشركة والمشترك، وتحاول الشركات ومن خلال الترويج لباقاتها تغليف موضوع العروض بالضبابية، وقد وقع العديد من المشتركين ضحية لتلك العروض، وفي مقابل ذلك كله، وحين يشكو المشتركون من الاتصالات المزعجة والمشبوهة، تحاول تلك الشركات إخلاء مسؤوليتها، وتوجيه المشتركين إلى التقدم بالشكوى لجهات أخرى كهيئة تنظم الاتصالات، وشرطة عُمان السلطانية، والادعاء العام، في الوقت الذي كان من المفترض أن تتبنى الشركات تلك الشكاوى، وأن تقوم بالتواصل مع الجهات المعنية؛ للترصد ووقف انتهاك حقوق المشتركين.
فالجهات المعنية بالخدمات الأساسية للكهرباء والمياه، والاتصالات على التوالي هي: هيئة تنظم الكهرباء والهيئة العامة للكهرباء والمياه، وشركات قراءة وتحصيل الفواتير، وهيئة تنظيم الاتصالات، وشركات الاتصالات، كلها قادرة على استرداد حقوق المشتركين الضائعة إن أرادت ذلك.
فبوركت الأيادي المخلصة التي تبني عُمان بصمت،،،