عيد الأضحى بنكهة العادات العمانية الأصيلة
درويش بن سالم الكيومي
إن مناسبة عيد الأضحى تعتبر من أجمل وأفضل المناسبات العطرة، تعود لنا مرة في السنة الهجرية، نحتفل بها وكأننا أسرة واحدة، تجمع بيننا في راحة واستقرار دائم بالقلب والروح والجسد، يتجدد ذلك النشاط مع النفحات الروحانية من أيام الحج، العيد الذي له في عمان طقوس لا تتغير أبداً.
إن سلطنة القلوب تمتاز بالكثير من العادات والتقاليد والأعراف العمانية التي احتفظ بها الأجداد والآباء، وبقينا نحن الشباب على نفس النهج الذي مشى عليه السلف الصالح. فعمان هي دار الضيافة والكرم والجود في كل المناسبات والمحافل المحلية والدولية، ومنبع أصيل من صاحب المكرمات واليد البيضاء ورجل المواقف والحكمة والسلام، جلالة السلطان هيثم بن طارق أعزه الله.
ففي هذه الأيام تترقب عمان الحبيبة وكافة دول الخليج والدول العربية والإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها نداءً عظيماً من جبل عرفات، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك.
إنه نداءٌ يتردد في السماء من بيت الله الحرام، لأداء مناسك فريضة الحج الأكبر.
فها هي السلطنة الحبيبة استقبلت أيام العشر من ذي الحجة، وتسمى في بعض الولايات والقرى أيام وليالي العاشوراء، التي يكثر بها التهليل والتكبير والتسبيح، والكل يسمع النداء عبر التلفاز وعبر قنوات التواصل الاجتماعي، يصغي لها الأطفال صغار السن والرجال والنساء: (سبحان الله ولا اله الا الله ” سبحان الله محمد يا رسول الله). وهكذا تقترب أيام العشر بالأناشيد والتهليل والتكبير والتسبيح، والأناشيد الدينية التي تعطّر الأجواء المسائية، وتستمر ليالي العاشوراء حتى التاسع من ذي الحجة.
كم هي جميلة ذكريات الطفولة في أيام المناسبات الوطنية والأعياد الدينية، نتذكر ونحن صغار السن كنا نستعد لها منذ اليوم الأول من ذى الحجة، وننتظر أن يأتي اليوم السادس فنزور البيوت لنأخذ العيدية من الأهل والإخوة والأقارب والجيران، وكنا نتنافس في جمع أكثر مبلغ حتى نستعد لليوم السابع منذ الصباح، نتسابق إلى زحمة السوق، وهبطة العيود أو هبطة سابع كما تسمى في بعض الولايات، نشعر بها ونحن الآن كبار، وما زال زمن الآباء باقٍ بيننا في هبطة سوق سابع، والتي ما تزال تحتفظ بها مدينة البداية، وبالموروث الشعبي والحضاري والأكلات المحلية، مثل العرسية والمشاكيك والشوي العماني في رابع يوم العيد.
إن للعادات والتقاليد والتراث دور بارز في المجتمع والبيئة العمانية، فهي إرث تناقله الأجداد إلى الآباء، ومن ثمّ إلى الأبناء المخلصين في حبّ هذا الوطن الغالي وترابه الطاهر، فأيام العيد لها طابَع مميز بين الأهالي في الحضر والبدو، وما تزال السلطنة والرجل العماني لديه الكثير من العادات والتقاليد التي لا توجد في باقي الدول، فالرجل العماني جعل لكل المناسبات والأعياد نموذجاً خاصّاً في السمات والشعور والاستقبال والمشاعر، تختلف عن بقية الأيام، فليالي العيد السعيد لها مكانة قدسية داخل القلب الحنون الذي يبادر في تقديم العون والمساعدة إلى كل العائلات ذات الدخل المحدود في شراء الهدايا والملابس والأضاحي والمواد الغذائية والاستهلاكية وغيرها من المستلزمات التي تحتاجها الأسرة في أيام العيد.
وعبر صحيفة النبأ الإلكترونية، نقول شكراً وألف شكر لكل القائمين على تلبية النداء مع فريق السويق الخيري، ولجنة الزكاة، واللجان الفرعية التي تبذل جهداً كبيراً جداً في توزيع المساعدات.
وهذا الدور الملموس لا تكفي فيه كلمة شكراً، بل ندعو الله عز وجل في هذه الأيام المباركة أن تكون الخطوات والمساعي والصدقات الطيبة في ميزان حسنات كل من بادر وساهم وتبرع وتطوع في نقل وتوزيع المساعدات العينية إلي كافة قرى ولايتي السويق.
إدأعاد الله هذه المناسبة العطرة على صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم أعزه الله وأبقاه ذخراً لهذا الوطن، وعلى الأسرة المالكة الكريمة، وعلى الشعب العماني والأمة العربية والاسلامية في مشارق الأرض ومغاربها بالخير واليُمن والبركات.
وكل عام وأنتم بخير.
وعساكم من عواده.