مجاوزة حقوق الغير
فهد بن خصيب الشبلي
الظلم هو من أسوأ الذنوب التي قد يقوم بها الإنسان في حياته بقصد أو بدون قصد، كما أعدّ الله سبحانه وتعالى عقاباً كبيراً للظالم الباغي على حقوق الناس، سواء أكان ظلمه بالقول أم الفعل، فسيأتي يوم ترى فيه الظالم وقد شرب من نفس الكأس، وذاق مرّ أفعاله، فإياك والظلم؛ فإن الظالم قد ينسى، والمظلوم لا ينسى مهما طال الزمان أو قصُر، فقد يدعو عليك ودعوة المظلوم لا تُردّ، فالله يسمع ويرى مَن طَرق بابه.
نضع لكم هنا بعض ما قيل في الظلم، عافانا الله وإياكم:
بسم الله الرحمن الرحيم
«إِنَّ اللَّـهَ لا يَظلِمُ النّاسَ شَيئًا وَلـكِنَّ النّاسَ أَنفُسَهُم يَظلِمونَ». سورة يونس الآية ٤٤.
قال تعالى: (فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يستعتبون) .سورة الروم الآية ٥٧).
وقال علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه:
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرا
** فالظلم آخره يأتيك بالندم
نامت عيونك والمظلوم منتبه
** يدعو عليك وعين الله لم تنم
الظلم هو انتهاك حقوق الآخرين بوضع الشيء في غير موضعه، وهو من الأفعال البغيضة التي ترفضها السَجيّة السليمة، وقد حذّرت الشرائع السماوية كلها من الظلم، وأوّلها الإسلام، إذ جعله من الكبائر، فحرَّمه الله على خلقه ونفسه ولم يجعل لارتكابه مسوغاً أو ضرورة، فقد جاء في الحديث القدسي عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل قال:
(يا عبادي، إني حرَّمتُ الظلمَ على نفسي، وجعلتُه بينكم محرَّماً، فلا تظَالَموا)مسلم (2577)
فالظلم مرتعه وخيم، وعذابه أليم في الدنيا والآخرة.
وقد ذكر ابن خلدون في مقدمته فصلاً بعنوان:
(الظلم مؤذن بخراب العمران)، ليبين آثار الظلم العظيمة التي تعود على الفرد والمجتمع؛ فالظلم خسارة في الدنيا والآخرة، وسبب لاستحقاق غضب الله والطرد من رحمته، وهو سبب لنشر العداوة والبغضاء بين أفراد المجتمع؛ وإشاعة الفساد فيه، والمجتمع المعروف بظلمه يستحق غضب الله ونزع البركة منه، بما يظهر به من كُره وحِقد وآفات أخرى؛ كالثأر، والسرقة وغيرهما، وهو الأمر الذي يؤدّي إلى تبديد طاقاته؛ إذْ يقف الظلم مانعاً قوياً أمام تقدّمه ونهضته، وأمْنه واستقراره، بدلاً من توجيهها لمواكبة العصر وتطوير إمكاناته، فما أجمل أن يكون الإنسان عادلاً مع نفسه والآخرين، مراعياً لحدود الله، حتى ينجو بنفسه ويعمَّ الخير والسلام.
أنواع الظلم في المجتمع:
1- ظلم الإنسان لنفسه، بابتعاده عن توحيد الله وبالشرك به، وباقترافه الذنوب والمعاصي التي تودي به إلى التهلكة.
2- ظلم الإنسان لغيره من البشر بالغيبة، والنميمة، وسوء الظّن أو غيرها من أفعال اللسان، أو بغصب حقوقهم،
واتهامهم بالباطل، وأكل أموالهم، والاعتداء على أعراضهم، وغيرها من أفعال الجوارح.
3- ظلم الإنسان لأسرته فيكون عدم تقدير الزوجة، وبجحد ما تبذله من جهد، و يكون أيضاً بعدم تلبية احتياجات أفراد أسرته رغم مقدرته على ذلك.
4- ظلم استغلال النفوذ الوظيفيّ يمثّل بصفة عامة، جميع المحاولات التي يقوم بها المدراء والموظفون، والتي يضعون من خلالها مصلحتهم الخاصة وغير المشروعة فوق المصلحة العامة، متجاوزين القيَم التي تعهّدوا باحترامها وخدمتها والعمل على تطبيقها، ويُعدّ استغلال النفوذ الوظيفي انتهاكا للواجب العام، وانحرافاً عن المعايير الأخلاقية في العمل الوظيفيّ.
وهناك الكثير من أنواع الظلم عافنا الله وإياكم من هذه الآفة.
ومن طُرق الحدّ من الظلم ولمّا كان الظلم سبباً في هلاك الأمم السابقة والمجتمعات، كان لا بدَّ من محاربته بكافة الطرق والوسائل، منها:
1- التنشئة الأسرية السليمة، القائمة على المحبة والتسامح، متمثّلة بالوالدَين كقدوة.
2- دور المدرسة المتمثل بغرس روح التعاون ومساعدة الغير والإيثار بين الطلبة، وعقد الدورات والأنشطة حول خطورة الظلم وأهمية التسامح ودوره في تماسك المجتمع وقوته.
3- واجب مدير العمل بزرع المحبة بين الموظفين وتحفيزهم على التعاون، والعمل بروح الفريق لإنجاز العمل وللوصول إلى التميّز، لا تحفيزهم على التنافس، لما يزرع في نفوسهم من حقد وكراهية.