وداد بنت عبدالله الجابرية
بعيداً عن العيون، وبعيداً عن السمع؛ هنالك كنوز في الخفايا تنتظرك، تعمل عليها مرة واحدة، وفي كل مرة يتضاعف ذلك الكنز الثمين؛ لينجيك من عذابِ السعير.. تدور بنا الحياة بمتاهتِ لذتها، ونعمل عملًا بسيطًا ولا نشعر بالكم الهائل من الأجر، فلو تأملت في حالنا… لنفاجأ في يوم الحساب عن كنوز من الأجر والثواب!
نتسائل من أين أتت؟! وربما نردد في ذلكم الموقف العظيم، هل أنا فعلا من عملت كل هذا الخير لأحصل على هذا الكم الهائل من الحسنات والأجر!
من هنا تبدأ قصة الكنوز، بينما كنت أتأمل وأتفكر فإذا بشوك على الطريق فأزلتها لكي لا يتأذى الآخرين، ومع مرور الوقت سمعتُ عن فضل الصدقات وأجرها وإذا برجل يرسل حسابات أحد البنوك وفي محتواها من لديه الرغبة في مد يده البيضاء للمساهمة في بناء أحد المساجد…
هنا تأملتُ كثيراً وبدأت أدقق في أدق التفاصيل منها لما بعد الرحيل ستنقطع الأعمال وتتوقف الصدقات والطاعات، إلا بعض الأعمال، ومنها عملُ واحد؛ وهو الصدقة الجارية.
هنا بدأت أتفكر في عظمة الخالق ونعمة الصدقات الجارية، فربما أهلك أو أخوك الذي من لحمك ودمك مع مرور الأيام سيضع لك صدقات هنا وهناك ويدعوا لك ليل نهار، ولكن مع السنوات ومرور الوقت سيتوقف وتلهيه الحياة.. أما عن صدقاتك التى وضعتها بنفسك ولا يعلم بها إلا خالقك فإنها ستتكاثر وتنجيك من عذاب السعير…
حقًا أعلم بأن الله عظيم وكريم، لا ينسى العبد في حياته ولا بعد مماته بالصدقات.. فعندما أزلت الشوك عن الطريق كسبت الأجر، كذلك التبرع لبناء المساجد له الأجر العظيم، فحينما يدخل المصلي لأداء الصلاة ستكسب أجره وأجر من يأتي بعده من ذريته، فكم من رجل وامرأة سيدخلون ذلك المسجد، وكم من ذرياتهم بعدهم سيصلون وتكسب أجرهم .
فهذا هو كنز الخفايا عملت عليه مرة واحدة ويتضاعف لك أجره، فلا تستصغر أمر الصدقات فإنها ليست بهينة.. واعلم بأنك أنت الفقير المحتاج إلى تلك الأجور والحسنات؛ فهي التي تنجيك من عذاب السعير…
تأملوا في الخالق الرازق العظيم الكريم، جعل لنا الأجر الوفير في كل عمل بسيط ليدخلنا جنة النعيم.
فلتعلم يا من تقرأ سطوري بأن الله يحبك؛ فلولا هذه المحبة لما جعل لنا الأجر في جميع خطواتنا، في الصلاح والإصلاح، والتقرب منه بالصدقات؛ ليقربنا منه أكثر لننال رضاه وجنته التي عرضها السموات والأرض.
نسأل الله أن يرزقنا حب الصدقات؛ لنكسب كنز الخفايا العظيم.
