أبي في العناية ..
مبارك بن سليمان المكدمي
وجودك يا أبي في العناية المركّزة، لم يكن سهلاً عليّ، إن الألم ينخر وريدي، ولا أستطيع أن أراك بهذا الضعف، فأنا اعتدتُ أن أراك قوياً شديد البأس، جديّاً وقت الجدّ، ضاحكاً وقت المزاح، متوازناً بين هذا وذاك.
أجهزة مُتعِبة تستقرّ في جسدك الضعيف، تمنيتُ لو كان بإمكاني حملها عنك، تمنيتُ لو أن ثمّة طريقة يمكن من خلالها أن نقتسم فيها الآلام، ربما أنت تتألم جسدياً، أما أنا فأتألم روحياً.
تمنيت أن نتبادل الأماكن وتكون أنت بلا ألم.
يالهذا الحب الذي أحمله لك، آهٍ من هذا الشعور تجاهك، فعلاً يعجز عن الوصف، فأنا أعشقك حتى النخاع، أتنفس وجهك، وكأن ذاكرتي استُبدلت فلم يعد فيها إلا صورة وجهك وذكرياتك، ذكرياتك الطيبة مع الناس، وعلاقاتك الناجحة.
إنهم يسألون عنك يا أبي، بل يتهافتون للاطمئنان عليك، أيّ حبٍّ زرعته فيهم؟
كيف كسبت رضى الجميع؟ فالكبير يحبك، والطفل يعشقك، ومزاحك موزّع بين هذا وذاك.
أنا فخورٌ جداً بك يا أبي، فأنت بتعاملك تكسب الصغير قبل الكبير، وتكسب من لا تعرفه قبل أن تعرفه بتعاملك. ابتسامتك الجميلة عالقة في كل الزوايا، وفي أركان البيت، فمزاحك البريء دائماً يقطع كل أفكاري، ويعيدني إلى التفكير بك.
متعب أنا من دونك يا أبي، عُد إلينا سالماً، فأنا أفتقدك بشدة.