المستقبل على قارعة الطريق
ناصر بن خميس الربيعي
تشرق الشمس؛ فأمضي إلى عملي، وأنا أفكر في الجديد الذي سأقدمه اليوم لطلبتي الأعزاء. في بعض الأيام يتسلل لي السأم من الروتين المقيت ولكنني سرعان ما أدفع الأفكار السلبية عن نفسي متأملاً في يوم أفضل من سابقه وهكذا مرت علي سبعة عشر عامًا من الجد والاجتهاد.
دائمًا ما كنت ألوح بيدي من نافذة السيارة باعثًا التحايا لطالبي النجيب الذي أنهى دراسته الجامعية وها قد أصبح باحثًا عن فرصة للعمل، ولكنه لم يستسلم بالعكس أراه في كل يوم يصارع الحياة على منضدته التي تقطر الدمع النازل من ظهر الفواكه المعروضة؛ ليثبت نجاحه لنفسه ولأهله وهذا دأب كل شبابنا الطموح.
على نفس الطريق أشاهد شابًا آخر يقف مثل الصقر متسمرًا على طاولة ملأها بأنواع من المأكولات، ألتفت يمينًا ويسارًا فإذا بالطريق يغص من كثرة الباعة من الشباب، بدأَت حينها أفكاري تجول بينهم تبحث عن محطة لمستقبل هؤلاء الشباب.
وفجأة أحسست بدمعة ساخنة سقطت من عيني، فبادرتها بالسؤال، لماذا البكاء؟ أجابت قائلة: هل تضمن لابنك ألا يقف مثل وقفتهم؟
لم أفكر في مثل هذا الاحتمال من قبل ولكنه اليوم فتح لي أبوابًا من الحزن والمآسي فالوالد الذي بذل كل ما يستطيع ليرى فلذة كبده سعيدًا في حياته هو نفسه الذي يمسي ماسحًا دموع ولده الباحث عن فرصة للحياة الكريمة في بلد مليء بالخيرات.
حينها رفعت يدي للسماء متضرعًا أن يعود المستقبل المشرق لهؤلاء الشباب.