ما بعد الواحدة ليلا..
ناصر بن خميس الربيعي
ليل مدلهم وشعور دائم بالخوف من رنة الهاتف المحمول بعد الساعة الواحدة ليلا، وما تنبئ به تلك الرنة والرسائل المستمرة من أخبار تفجع القلب. سرعان ما يبدأ قلبي بالخفقان ويدي ترتجف خوفا مما تحمله الرسالة القادمة.
نعم صدق الحدس وفي أغلب الأحيان يكون صادقا هذه المرة امرأة طاعنة في السن كان خبر وفاتها خفيفا على نظري فقد عركتها الحياة وأكلت منها النظر والصحة، ولكن ما أحزنني أنها كانت تعز على أمي، ففي الزمن السحيق قدمت لها العون وأرضعت أخي الكبير وأختي الثانية في فترة مرضها الذي استمر فترة من الزمن، باتت أمي تحدثنا تلك الليلة عن جمائل تلك الخيرة وتدعو لها بالرحمة والعتق من النار ووجهت لي عتابا خاصا لأنني لم أحضر مراسم دفنها قبيل الفجر ولكنني كنت منهكا تلك الليلة لذلك تأخرت في القيام بذلك الواجب.
في ليلة قبلها ببضعة أيام وقبل العيد تتالت رنات الهاتف ورسائله فإذا بالشعور نفسه يتسرب إلى نفسي إنه الموت.
الموت يأتي على غفلة، خبر اهتزت له البلدة جميعها حادث يودي بحياة الشاب اليافع الرزين وفجأة ترتفع أصوات البكاء ويسود جو من الحزن على كل ملامح الحياة، ليست المرة الأولى ولا الحادث الوحيد فعقلي الباطن يستذكر وفاة فلان وفلان ثم نمضي جميعا إلى المقبرة نخطو خطوات متثاقلة نحوها إنها المقبرة نهاية كل إنسان.
بدت على الحضور دلائل العجز أمام قضاء الله والخضوع لقدره المحقق الجميع يسير بين القبور منكسا رأسه في ظلام الليل وصولا إلى القبر الذي سيحتوي أجسادنا يوما من الأيام.
تأملت في تلك الليلة، هل حسب الموتى لتلك النهاية؟ دعوت في سري أن يكون الجميع في النعيم وأعلى الجنان، فهذا رجاء كل من آمن بالله وما جاء به رسولنا الأكرم عليه أفضل الصلاة والتسليم.