مقبرة الود..
شريفة بنت راشد القطيطية
لن تتوطد علاقتنا بالغفران؛ لأننا جبناء بما يكفي، بعضنا يأخذون أوطانهم في غربة ويتركون ٱثارهم على الجدران ممتدة لبقيع الإثم ورحيل النقاء، وبعضنا لديهم المسرات لشرب فنجان قهوتهم في شرفات المنازل، مطلية بالبهجة مقتدرة بالسرور، الوصول لألف عظة لن يُبقي لهم ذرة تفاؤل لجني فتات الطريق، لم تعد الثقة مقياسا بل أصبحت مقبرة الود الذي كنا نعيشه رغم اختفاء اليقظة.
حين لا يكون الطيبون مداخل للعبث؛ يتنفسون الصعداء، وحين يدركون أنك المقصد لأي مشكلة أو خلل ما؛ يثقل القيد على أنفاسك؛ لأنك إن لم تستطع حلها سيقطعون حبل الود بينك وبينهم، وسيتركون ورقة مقفلة مغزاها لا ود بيننا، الأمور الخالية من المشاعر هي مصلحتهم فوق كل شيء، أما أنت فلا ناقة لك ولا جمل، هم لا يسألون عن أحوالك وكيف تعيش، ولا ينسج خيالهم كمية الضرر النفسي من تقلبات الحياة، كل ما يهم هو غزو جيبك؛ لتمدهم بالطاقة الإيجابية، حتى لو كان على حساب الود.
( العفو عند المقدرة ) وإن كانت المقدرة لا تستطيع العفو، كيف نتمرن على نزع خلافات قد تحدث وتضرم النار بين القلوب وتحدث فجوة؟، كيف نكتم حر الود وتوهجه الرامي لسيل من الخفقات النقية لأغلى الناس؟، كيف تهشم وجه الذل إن قادك تحت الظلال لجني محبتك وصرفها على استغلاليين لا يعرفون إلا الطلبات والمصالح؟، كيف تُشعر نفسك أنك تعمل الصواب وأنت في كل مرة تندم وتقسو عليها بذات المقياس؟، وكيف تُطمئن الود أن يُبقي تفهمه للظروف وأن لا يختل لمجرد تجارب أصدقت فيها النوايا؟!
عندما تأتي إليك الملاحقات والتفكير بالٱخر على حساب نفسك؛ أراهن أنني لن اُبقي لعقلي مراسي هادئة، الجميع يعبث بالود ويخنقه لدرجة الموت، وتعدو إليك البراهين متمثلة في ابتسامة صفراء وتهرّب وخذلان، لا تشرق شمسهم بحضورك، ولا يحضر ودهم لشمولك، ولا يشمل وجودك حضورهم، ترأس التراخي برودة الشوق، ولهفة الأخوة، وجمال القلوب، وأخذ ملامح الغرباء الذين يأخذون بواطنهم في وعكة صحية، تدهشك المماطلة، وتحلق بك اللا مبالاة، إما أن تقسم أو تُقسم، وإما أن توجد لديهم متى يشاؤون، وتترحم على الود الذي يزور مقابر الأوفياء وينام معهم.