تصفّح مشاعر
شريفة بنت راشد القطيطية
فراغاتٌ عدّة نتحمّل، ونكتسي كلّ حيرة، ونتقاسم الفرح الذي نحاول أن نتأقلم معه، وكلما نتقدم خطوة، ونتناسى بعض الوجع، نشتاق ويربط على قلوبنا ولهٌ عميقٌ لمشاعرنا بشكلٍ أو بآخَر، والأقنعة التي كنت تلبسها حبّاً وليس خبثاً، ماذا تفعل بها وقد حلّ الظلام ونام الجميع؟
لم يتبقّ إلا العاشقون، يصارعون معارك الليل من شوقٍ وحرمانٍ وفراقٍ ووجع، وتبريراتك لن تُجدي، وقسوتكَ هي عالمكَ، وتعلمنا منها، ما ليس لكَ لن يأتي إليك، كان كمن يأتي خلسةً ويضع الشمس بين يديّ ويهرب كي لا أراه.
كان يأمر كانون أن يرحل، ونحن لم نبدأ بعد، ويدخل في شتائي ويتوارى خلف الفجر، وينتحل شخصية المُبهج، ويحمل هدايا كثيرة لكلّ النساء، كانت تغريه ضحكاتهنّ ولَعِبهنّ بالألفاظ، ويعمّم على مملكته بحشودهنّ، ويمتطي أشواقه ويعبر بها قلبي، ويتوغّل في العُمق بأشواكه الحادّة، ويحتسي غجريته ويذبل، يتعوّد أن يشتاق ويسرق الاتجاه، ويأخذ العذوبة ويتسلل كبرقٍ بين النجوم.
يعتقدُ أنّ هروبه يبرّر خيانته، وتسلّلهُ من قلبي يعلن له الغفران، يعتقد أن الغفران مموّلٌ جيدٌ لإدارة خططه، ويهتف بأذُن الليل أن يتولّى رعايتي، وألّا يترك لي متنفساً لأبكي، هو يعلم أن الليل صديقي، وأن لديّ مئات الحوارات لأسأله عنها، ولكنه قرر الرحيل دون إخباري بذلك، لو أعلم أين أنتَ الآن، فقط أسألك لماذا لم تعلن لي أن حبي لا يتماشى مع مشاعرك؟ وأن مشاعرك اعتادت أن تسرق الوقت مني وتصرّ على العصيان.
عندما نمارس الاغتيالات، ونشرف على الموت، عدنا لبناء جسور لنعود إلى الوطن، لعلّه يتولى إنقاذنا، كان يخطط أن يأخذ روحي ويعلّقها في فراغ، وكان لا بدّ أن أستعيدها لأعيش من جديد، لم أتمكن من القبض على أشواق الولَه، ولكنني وطّدتُ علاقتي بالغيم، ورسمتُ لبلاد النور طريقاً من خيوط الشمس، وعدتُ لألقي قرار الاغتيال، فأنا أواجه ولا أغتال أحداً، ربما تشمل أوامره اغتيال حبّي، ولكني لا أهتمّ ولا أسعى لذِكر أيّ شعور، فقط هي ذكريات تخرج وقت تصفّح المشاعر، وتغلق وقت النوم.