2024
Adsense
مقالات صحفية

الشباب والطموح

يعقوب بن حميد بن علي المقبالي

شاب في عمر الزهور وقبل العشرينيات انضم إلى إحدى المدارس خلال الفترة الصباحية، والتحق بالصف الأول الابتدائي، وواصل دراسته إلى الصف الخامس الابتدائي، ونظرا لظروفه وظروف أسرته؛ تيقن بأنه لا يستطيع مواصلة الدراسة.

بحث عن وظيفة؛ فوفق وتم توظيفه بمحافظة ظفار، وبعد شهر من وصوله إلى مقر عمله وصلته رسالة خطية من والده وقرأها وعرف ما يحمله هذا الخطاب، لكن لا يعرف كيف يصوغ ردا لهذا الخطاب؛ حيث كان سابقا لا توجد وسيلة للتواصل إلا عن طريق هذه الخطابات.

أخبر أحد أصحابه بأنه وصله خطاب من والده ويريد أن يرد عليه، ويطلب من زميله أن يعلمه أسلوب ردود الخطابات وقواعدها فقط، لكن صاحبه هذا كان يماطله، فإن قال له في وقت الصباح قال له سنجلس معا في وقت الليل، وإن قال له في الليل قال غداً في الصباح، واستمر هكذا، وبقي هذا الشباب يفكر ما العمل الذي يفعله ليرد على خطاب والده !!!

يوما بعد يوم كان يرى زملاءه في فترة العصر تأتي إلى جنب مقر سكنهم حافلة (باص) تنقلهم يومياً، فذات يوم وجّه لهم سؤالا: أراكم كل يوم تركبون الحافلة إلى أين تذهبون؟ فأجابوه: نذهب إلى المدرسة، فأخذها ذلك الشاب وأسرّها في نفسه.

وعند موعد وصول الحافلة في اليوم الثاني تجهز ذلك الشاب وجلس بجوار من ينتظرون الحافلة، وبعدها ركب الحافلة مع بقية المنتظرين، فلما استقر به الحال في الحافلة سمع صوتا يناديه: يا أيها الشاب إلى أين ذاهب؟ قال لهم: أتمشى معكم، حتى وصلوا للمدرسة ونزل معهم وفي أثناء خطواته بالمشي دخلوا بوابة المدرسة، سأل زملاءه أين مكتب مدير المدرسة؟ فأشاروا إليه بموقعه، فذهب وطرق الباب، وألقى السلام والتحية لمدير المدرسة وأخذ يتجاذب معه أطراف الحديث.

ووضح هذا الشاب للمدير عن رغبته في مواصلة دراسته؛ فرحب المدير بهذا الشاب، ولكن كان لا بد من إحضار شهادته الدراسية، تحير هذا الشاب؛ هو لم يكمل المدة القانونية لأخذ إجازة ليحضر شهادته ليستطيع مواصلة دراسته، فأجابه بأن شهادتي الدراسية توجد في البيت، وأنا من سكان شمال عُمان، وآمل منك يا أستاذي أن تمهلني بعضا من الوقت وأحضر لك الشهادة؛ لأنني منذ شهر ونصف فقط وصلت إلى الجنوب، ولن يسمح لي القانون أن أطلب الإذن وأذهب إلى شمال عمان لإحضار شهادتي؛ حيث يجب علينا قضاء قرابة ثلاثة أشهر إلى ستة أشهر، ولكن سوف أجتهد لإحضار شهادتي في أقرب وقت.

المدير بين لهذا الشاب الأنظمة والقوانين عن كيفية التسجيل، لكن في النهاية تفهم المدير وضع ذلك الشاب وحبه للدراسة، والشاب وعد المدير بأن الشهادة سيأتي بها في القريب العاجل، فدوّن اسم الشاب في سجل الطلاب الملتحقين للدراسة المسائية، وبقي يواصل دراسته مع بقية زملائه الطلبة.

بعد الجهد والاجتهاد والمثابرة حصل ذلك الشاب على الشهادة الثانوية العامة، الذي كان لا يملك من الشهادات إلا شهادة الصف الخامس الابتدائي ٱنذاك.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights