المحكمة
مبارك بن سليمان المكدمي
محكمة الدنيا لأول مرة أزورها في حياتي لموضوع بسيط بحثاً عن استرجاع الكرامة، رغم أنني المجني عليه إلا أن بي ثقل في قلبي رِجلٌ تحملني وأخرى تُرجعني، متأرجح بين هذه وتلك.
حضور لا بأس به، بين مطالب بحق وهاضم لحق، خطوات بها شيء من الخوف، وكثير من علامات الاستفهام، متخاصمان لميراث، أو لأموال، أو لرد اعتبار، وقضايا أخرى استقرت في هذه القاعة بسبب الظروف المادية، بين شيكات مسترجعة واحتيال وبين عراك، وبعضها وليدة زجاجات الخمر ونتائجه السلبية التي تجعل الإنسان يفكر دون عقل أو إن صح التعبير لا يفكر. جميعهم يتسابقون إلى طاولة القضاء الدنيوية، قضايا لو فكرنا فيها قليلاً وتنازلنا عن بعض المواقف لما وصلنا لهذا الحد.
كان بإمكاننا التوصل لحلول بسيطة ترضي الطرفين، قضايا جميعها الخوض في حطام الدنيا الزائل، بعضهم ترى البراءة في عينيه وأن الزمان جار عليه قسراً دون حيلة، وبعضهم توغل الحقد في وجهه ويوحي لك أنه مجرم ولو أتى بألف عذر.
هذه هي محكمة الدنيا رغم بساطتها ورغم أن حاكمها بشر يصيب ويخطئ فما بالك بمحكمة الآخرة، التي يومها كألف سنة مما تعدون؟، والشهود فيها هي جوارحك، لا تغيب عن القاضي مثقال ذرة مما أجرمت، حقوق الناس ستعيدها في ذلك اليوم العظيم، فهل حسبنا حساب ذلك اليوم؟، هل نحن في أتم الاستعداد للمحاكمة الإلهية؛ فلا بد أن نعيد ترتيب أوراقنا قبل فوات الأوان.