2024
Adsense
قصص وروايات

عُدتُ أقرأ صمتي من جديد

شريفة بنت راشد القطيطية

عُدتُ من مدافن القلوب منذ قليل، لم يكن المشهد محزناً، بل كان أبشع من ذلك أن أرى استشهاد قلبي بين الشهور، وأن يتنمّر عليه زمانٌ علّقه من ساقيته في بئر لا نهاية له، عوّدتُ نفسي كثيراً على النسيان، وأغلقتُ خفقات ذات حُسْن، وغلّفتُ ذكرياتي بشيءٍ من الحُزن بين هوامش السطور، لا أدري لماذا أحزن كثيراً إذا مررتَ في خاطري؟ وأشعر بالندم لأنني لم أعد أتهافتُ لِلُقياك، ولا أشعر تجاهكَ بعطر، ولا أمضي للأمام بسببك، أعطّلُ نمائي حين تستوطن روحي، وأرفض التحدث عنك حتى مع نفسي، أتعلمُ كمية الضرر التي أحدثها جفاؤك؟ وعوالق الخيبة التي تغذّتْ من روحي أشهراً وأياماً وليالٍ.

عدتُ أعتنق المساءات ولا يأخذ خواطري غيرك، وألتمس بين الفراغات ظلَّك، ولا أجد حولي إلا النسمات التي كنتَ تعشقها، وأتذكّر همساتك الصامتة، وترددكَ القاتل للولَه، عدتُ أقرأ صمتي من جديد، وأنام دون أن أشعر وأتلمّس عبق الفجر وأهنّئ الشمس حين تطلّ على جبينك، وتسمع رنّات قلبي إذا غرق، الوجد يتشرّف بسقوطه بين الشرايين، ويسمح للعشق أن يذبل بين المداخل، ويسافر بكَ إلى مدائن الياسمين، توثّق معها عقد حياة، لم أزل أشعر بالحزن حين أراك تعيش حياتكَ وكأنّ شيئاً لم يكن.

هواجسكَ الٱن أتعمّد أن أراقبها، وأستلذّ من ندمك وأبكي، لماذا أبكي؟ لأن تعلّق الروح أدمى الفؤاد، ودمّر خوافي نمائي، وتوهّجكَ المطلّ على شرفة أنهاري، يؤثّر كثيراً لتطوّركَ وادخاركَ للكِبر والغطرسة، هذا ما كنتَ تفعله بي، تطمس أشواقي في طمي أنهارك، وتعلّق سمائي تحت قدميك، وكنتُ أتنفّسكَ وكُلّي ابتهاج، ولم يكنْ لديك القدرة على الانتعاش دوني، وكنتَ تلتقط الأنفاس في مسائي الحزين، وُتعبّىء الليل في وسادات العاطفة، وتنام على ذكرايَ، وتستمتع بهمسي حين تُدرج في ذاكرتكَ اسمي، وتتهافتُ عليكَ خفقات قلبي وتقتلك، وتصل بكَ للعمق وتدمّرك، وستظلّ هكذا حتى نهاية العمر.

أشتاق إليك، ولماذا أشتاق؟ ولماذا يرفرف القلب حين أراك؟ لأن لهفة العشق كانت تزرع الزهور في كل طريق، وتسجد في كفّيكَ الأماني وتنام كطفلٍ مُتعب، ولأن الوقت لا يُخبّىء إلا الربيع، ويأخذني لغيمةٍ ذات حُلم، وقصرٍ فيه كأنكَ في مُدن الأحلام، تعانق المستحيل، وتصنع من العشق الأسود ذكريات مولعة، وتظلّ تكتب بين السطور شيئاً مُبهم، أتعود حين يذبل الحبّ وتنام الروح؟ أتعود حين لم يبقَ إلا هُتاف القلب من وراء القضبان؟ وأنا التي تغلّف النبضات في كلمات، وتعلق الوهم في خفقاتٍ ونواصل فنّ الكبرياء ، ولماذا وصلنا لهذا الصمت، لأن الصمت تعبيرٌ لا يستطيع الكلام إبلاغكَ أني أحبّ لحدّ الهيام.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights