لنا منهن أثر
مريم شملان
على خُطى من نَحب مضينا، تقمصنا الشخصيات، اجتهدنا ببذل المزيد من الجهد حتى نكون مثلهن، عملنا بصبر، تحملت أجسادنا إعياءً ووهناً مُهينا، سعينا في رضا من ننظر لهن بُحب ورحمة، فيما كان الزجر نصيبنا والخُنوع والصمت ملاذنا، لنظهر الشكر والثناء لهن بما تفضلن به علينا وما تعلمناه منهن.
تمر الأعوام نَكبر، نصنع لأنفسنا بالخفاء الشموخ والأنفة، نبتعد وكنا بالابتعاد أكثر مرارة وصبرا وطاعة مطلوبة وأمراً مُجابا، ليس ضَعفاً منا؛ فقط لتمر القافلة على قوم جاهلين لا يعلمون ما الحمولة التي على ظهر العير، أحسسنا بذلك الرفض الخفي يكبُر بداخلنا، نصنع السفينة التي ستنجو من الطوفان، تركنا الجميع وسكنا بزاوية صغيرة بهذة الدنيا، رأيناها سوداء، لم نشعر بجمالها، لم نستطع أن نميز ألوانها والمواسم الجميلة التي تدور فيها بدوران الوقت، توقفت الحواس التي تُشعرنا بالجمال من حولنا، ولم نكن نستطعم الهدايا والهبات الربانية التي تأتي من عند الخالق، لم نَحسب إلا عذاباً يأتي ولا ينتهي، ويستمر ولا يتوقف ببكاء خفي، ونرى الناس تبتسم وبقلوبهم السعادة، ونحن كأنه لا وجود لنا، وإنا في غياهب الجُب هناك عالقون،، ويرون أننا نستحق ذلك المكان العميق؛ لصور بثتها أفاعٍ بِسمّها المدسوس، لنبقى في الحفر يسحقنا الوهن والسنون العُجاف، ولكن من كان بدمه نقطة من حرية، فلا يكون إلا ما يشاء، وبالنهاية ينتصر، ويرتدي ثوب العزة، تجرفه قوة الوادي، وصلابة صخور الجبال، فالبيئة تَصنع من كان يقاوم صلابتها ويستمر حتى يتفوق عليها، فالحياة تشدُ إلى من يسمع غناءها، والقوة لا تأتي إلا من كان يرغب بالوقوف على أكتافها.