أنا فقط أسقط لأجلك أنت..
شريفة بنت راشد القطيطية
أسقط فقط لأجلك أنت؛ لأنك متورط جدا في البر والطاعة، ومنتهك حقوقك ورخيصة نفسك لأجلنا، معتاد أن تنام وقت راحتنا فقط وليس وقت راحتك!، تتحدى الظروف لتنبت في إصبعي زهرة الحياة، وتثقل كاهلك بخدمتنا، نحن لا نحتاج أكثر من رعاية وأنت تثمن وقتك لها، يشتد عودك كل يوم من الصعاب وتنهمر كالماء العذب لتيسر لنا العون، وتسخر جهدك ليبطئ الفقر في التقدم إلينا، نحن نحتاج أكثر من طاقتنا لنسعدك ونشتري لك البهجة، نحن أبرياء مما وضعنا فيه الزمن وأنت مشوارنا الذي ينتهي بك، أسقط لأجلك أنت فقط؛ إجلالأ وتقديرا وحبا، لا وقت أضيعه في التأخير؛ لأنك الخافق الساكن في ضلوعي وبين ممرات الشرايين.
قوية أنا، وأنحدر من سلالة القائمين على استرجاع الحقوق لأصحابها، يتوسل لي الحظ العاثر وأقهره؛ كي لا يعود، وأستل سيفي وأهاجم العطل وأخيط عينه إن شاء؛ كي لا يرى النور، أتحد مع قلبي وأقدم لك الولاء، شيء جميل صنعته من روحي وابتهجت معي الدنيا كأول البشائر، عنفوان لن يتكرر أنت؛ تأخذ المصاعب للجبال وتسقيها العسل!، وتروضها لتأتي خائبة، من ينتظر ساعة الصفر ليعدو بأثقاله وأهواله؟، من يتسلق خيوط العلو ليمحو استئصاله؟، من يزرع النوادر ويترك لها فيض المرام؟، من لا يمارس إلا الخير ويكبر كل يوم ألف عام؟، أسقط لأجلك أنت؛ كي تنمو البساتين في ثيابي، وأنتظر السعد عند بابي، يلتقط بقايا العجز والوجع .
لتكن أول القادمين إلى نبضي بشوق المسافات، ولتكن أكبر من ذلك بوسع الخلايا وبوح الصروح، أستوطنك حين لا يكون لديك غيري أنثاك الغالية، حاضنة الجموح، لديك بين السطر والسطر خفايا وستكون بخير؛ أتعلم كم سيكون الوقت ساعة حضورك وكم ستعاود لهفتي امتصاص الحنين، أتعرف كم لدي من الترياق لأعيد معالجة الأوفياء؟، وكم سفر وكم عشق ينتظرون الدخول لباحة سطوي وعرش مملكتي!، وأن البيداء ستعلق الوهج وستحكي قصص الصمود وبراهين الوعود، أظنك أتممت لي اليوم وعدا، وغدا لدينا افتتاح الهمم.
لم أتعود السقوط ولن أسقط، ولن تكبر مساحة فشلي في مواجهة الحياة، ولكني أسقط لك أنت؛ فقط إجلالا وتوطدا ومعاناة، أضمن لك عنفوانا يسطر على جبينك القوة والمنعة، ويأتي بكل الصعاب ذليلة تحت قدميك، شامخا كالجبال، وأميرٌ يعطل خبث اللئام، ويترك بين الحين والحين فقرة ابتهاج ليطفو على ساعديك المرام، وتَذهل وقت السجال سجالٌ، أضمك نبضا معتقا وليلا متوقدا وحالات هلع من اللهفات، لتأتي وفوق رأسك ألف تميز وألف انتصار، ولندخل معًا مئات القفار ونجعل منها سيلا خجولا وطفلا عجولا، يسرع ويبطئ لتلقي السكاكر في حفلة عيد الفطر .
ستكون بين السطور جملا راقية وسأعجز عن وصفك، وسأبهر بك العالم وأعلق هامتي على كتفيك، أتظن أني سأحتال على دمعي وأبكي في الخفاء، لن يكون؛ لأني سأبكي بقلبي فرحا لك وتمايلا بالحسن، أنتظرك عائدا من الأساطير بطلا، تزهق روح التعب وترتمي في أوكاري طالبا قبلة جبين، سنكون فوق الرؤوس قمما ذات شموخ ونبني للأحلام طوقا من الياسمين، وسنعبث بهدوء الفجر ونلطخ الدنيا بصخبنا وضحكاتنا، وستعود وكلي انتظار جميل يمثلني ويقطع دولاب الشوق؛ كي لا يعود، وسأشتاق إليك وأنت في محرابي، وسأسقط فرحا معترفة بالانتصار .