أنت تعرف موقعك ولكن تتجاهل
يعقوب بن حميد بن علي المقبالي
الإنسان مخلوق بيد الله سبحانه وتعالى، ومهما بلغ هذا الإنسان من الجمال البدني أو الروحي، أو خلفت له الوجاهة، أو تقلد المناصب، أو رزقه الله تعالى الوجاهة في المال، أو الولد، أو حلاوة اللسان، وانشراح الصدر؛ فهو يظل ضعيفا لا يستطيع تغيير أدنى شيء في هذه الحياة إلا بأمر من الله تعالى.
فكثيرا ما نرى ونحن نتعامل مع بعضنا بعضا، وبيننا قواسم مشتركة ومصالح في هذه الحياة، وتربطنا أواصر القربى، أو الجيرة، أو النسب، أو العمل، أو رحلات دينية أو غيرها من الأشياء التي نتقاسمها معاً في هذه الحياة الفانية من هذا الكون الذي خُلقنا لنتعايش فيه معا.
ولكن -للأسف- ما نلاحظه من فئة من الناس عندما يكتب الله لهم ويمنحهم الوجاهة أو تقلد أحدهم المناصب أو يعمل في مكان ما، أو رزقه الله تعالى ثروة من ثروات هذه الدنيا سواء المال أو غيرها من الثروات نلاحظ عليه أنه يجعل نفسه هو الأعلى منك رفعة وشأنا، ويعظم نفسه بنفسه، ولم يفكر أن هذا كله زائل، ولن يبقى شيء يُذكر في هذه الحياة.
لن يتذكر أصحاب الكلمة الساطعة والمال الثري والمناصب العليا إن ضمتهم الأرض ماذا بقي لهم، هل الجاه والسمعة وثرواتهم وأموالهم وأولادهم ستشفع لهم؟ إلا من رحمه الله تعالى ورزقه بولد يدعو له أن يغفر له ويرحمه، أو صدقة أوقفها لوجه الله تعالى، أو بناء مسجد، أو مدرسة، أو تكفل بطعام الأيتام، أو سخر ماله للمساكين والفقراء بشرط أن يكون لوجه الله، لا للرياء أو المنة، أو السمعة المزيفة.
فعلينا -معشر البشر- أن نتقي الله سبحانه وتعالى، ولا نجعل زخرفة الحياة وزينها تغلب علينا وعلى معاملاتنا لبني جنسنا، فكلنا أبناء آدم وحواء، وخلقنا من التراب وسنعود إليه، قصرت أم بعدت المدة، أبينا أم رضينا، هنا لا ينفع الجاه ولا المناصب ولا كثرة الأبناء ولا الأموال والممتلكات التي يُتفاخر بها في الحياة، ولا شيء ينفعنا إلا أعمالنا الخالصة لوجه الله تعالى.
علينا أن نراجع ونعرف أنفسنا، ولتحتذي بنا أجيالنا القادمة، ولنبني هذه الدنيا كما شرع الله لنا ونعبده حق عبادته ونؤمن به وبرسوله الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم، ولنجعل أوطاننا هي خير بلد نعيش فيه، وعلينا كذلك أن نطيع أولاء أمورنا فيما شرعه الله تعالى لنا؛ لنكون يدا واحدة مع هذا الوطن المعطاء بخيراته، ولنكرس شكرنا لخالقنا جل جلاله .