ولاية القابل تاريخ عريق.. وفرص استثمارية واعدة
حمود الحارثي
ولاية القابل هي نقطة التقاء ولايات محافظة شمال الشرقية، تقع على بعد ١٧٠كم تقريبًا من العاصمة مسقط، وتبعد عن مدينة صور الساحلية ١٤٠كم، وكذلك الحال عن ولاية نزوى التاريخية، تمتاز بالعديد من المقومات السياحية التي يمكن استغلالها كفرص متاحة للاستثمار السياحي لتكون مقصدا سياحيا رائعا ومتنفسا يرتاده الكثير من السياح من داخل سلطنة عُمان وخارجها على امتداد أشهر العام، خصوصًا في موسم السياحة الشتوي.
حيث يمكن إذا ما عززت هذه الولاية ببعض الخدمات أن تعد نقطة استراتيجية للتوقف لأخذ استراحة طويلة أو قصيرة في طريق الرحلة نظرًا لموقعها على الطريق السريع “مسقط – صور”، وتوسطها بين ولايات محافظة شمال الشرقية السبع؛ لتكون نقطة رئيسية لانطلاق السياح لعدد من المحافظات، كالداخلية وجنوب الشرقية إذا ما حظيت بالتطوير من خلال إنشاء أماكن إقامة فندقية وشقق مفروشة، ناهيكم عمّا تتميز به كقيمة مضافة تتمثل في كرم سكانها وحفاوة استقبالهم الضيوف، الذي يتناغم مع هدوئها الباعث للأمان والاطمئنان في نفوس زوارها، والذي بدوره يُسهم في تحقيق النتائج المرجوة الداعية إلى الاهتمام المشجع للنهوض بالجانب السياحي بها وبما تتمتع به من مقومات سياحية جاذبة للاستثمار بكون هذا القطاع ثروة قومية واقتصادية وطنية هامة تندرج تحت مظلة التنويع الاقتصادي.
حيث تتمثل مقوماتها السياحية في العديد من المواقع السياحية البيئية منها والأثرية الرائعة الجاذبة للسياح والملهمة للاستثمار، كسد “النبأ”، وموقع “سلوت الأثري” الذي يحتوي على نقوش صخرية أثرية، وقبور خلايا النحل، وبقايا مصنع صهر النحاس، وآثار لجدران حجرية لبقايا قرى سفح الجبل، تتخللها آثار لوجود قنوات مائية “الفلج” بمنطقة النبأ التاريخية وموقع” شنه الأثري” الذي يقع بقرية” شنه” ويحتوي كذلك على قبور خلايا النحل ونقوش على صخور الجبال المحيطة بها ومنطقة “الساقه” التي تتميز بوجود برك مائية، بالإضافة إلى تميز الولاية بجمال أوديتها الساحرة التي تنتشر على جنباتها عدد من آبار المياه العذبة وأشجار الغاف والسدر ذات الأحجام الكبيرة، كوادي خيار، ووادي عمير، و”طوي الشعيبي”، ومنطقة “قرنه”، وهي في مجملها مواقع غالبًا ما تكون مقصد إقامة ممتاز للرحلات العائلية، ومنطقة “سلا” التي تقع وسط الجبال، وما زالت آثار كمائن قنص الوعل العربي والظبا في مغارات جبالها المطلة على أحواض المياه الصخرية بين الجبال موجودة إلى الآن، كما يمكن تصنيفها كموقع رائع للمغامرات، وقرية “عز” التي يوجد بها جبل “كوش بنت النبي”، ومنطقة “الحوراء” التي تحتوي على مدافن قديمة وآثار لخنادق حربية وآثار لحمم بركانية، و”بئر حقلا” الذي ينضح بمائه العذب طوال العام على ضفاف وادي الجرف الذي يتفرد بمناظره الخلابة ولونه الوردي، ومنطقة رمال “الجوفا” الساحرة بجمال رمالها الناعمة الذهبية امتداد لرمال آل وهيبة كموقع استراتيجي للاستثمار في مجال المخيمات السياحية، وإنشاء نادي للسيارات على غرار نادي بدية للسيارات، و “شجة الجوفا”، و “شجة العود”، و “عين المرة (عين مرزوق) ” التي تقع بأطرافها وهي عين ماء ذات مياه معدنية مفيدة لعلاج بعض الأمراض الجلدية.
وتعد قرية “المضيرب” التاريخية التي تأسست في أواخر القرن العاشر الميلادي، بطابعها المعماري القديم وبيوتها الأثرية العتيقة المتفردة بزخرفها التراثي العماني الجميل، نموذجًا متكاملًا لمدن الريف العماني الأصيل، وكنموج للمدن الأثرية القديمة المحصنة لتميزها بوجود سور يحيط بها يحتوي على أربع بوابات يطلق عليها محليًا اسم “دراويز”، وقد كانت في السابق مداخل رئيسية لها، ولاحتوائها على أكثر من خمسين مبنى أثريا متوزعة بين حصون وقلاع وأبراج متناثرة على مداخلها، ومنها ما هو مشيد في قمم الجبال ما زالت آثارها موجودة كشاهد على التاريخ، ولكن معظمها بحاجةٍ للترميم، ومجالسها العامة وأفلاجها و”مركاض كشام” التاريخي لعرضة الخيل والإبل، الذي ما زالت فعالياته مستمرة، ولكن بحاجةٍ لإضفاء بعض اللمسات التجميلية عليه.
كما يوجد في قرية “المضيرب” سوق تاريخي كان مقصدًا للتجار من داخل سلطنة عُمان ودول الخليج العربي، وفي رواية إطلاق اسم النجد أو “النيد” عليها من قبل “التاجر النجدي” الذي كان يتردد على سوقها النشط في ذلك الوقت لبيع الخيول العربية الأصيلة والرماح والسيوف النجدية، الذي أعجب بأهلها وحبهم الخيل والفروسية الذي أصبح بعد ذلك شعارًا لولاية القابل تأكيدًا لصحة هذه المعلومة، كما أن آثار السوق ما زالت موجودة إلى الآن إلا أنه بحاجة إلى ترميم وتطوير وتنشيط لحركته التجارية.
وعلى الرغم من الوضع الحالي فإن ولاية القابل تبقى عامة وقرية المضيرب خاصة هي الخيار الأفضل لتكون محطة استراحة قصيرة للسياح وعابري الطريق من مسقط إلى صور؛ لما تتمتع به من موقع متوسط ومقومات جذب سياحية، الآخذ في الاعتبار ذلك التمازج والانصهار بين عراقة الماضي وأصالة الحاضر ومنجزات النهضة.
كما نالت الولاية في عهد النهضة المباركة نصيبًا وافرًا من التنمية في مختلف القطاعات، وما زالت مسيرة البناء والتطوير مستمرة في النهضة المتجددة والعهد السعيد.
وقبل الختام يطيب لنا أن نقدم الدعوة للجميع ليشدوا الرحال لزيارة ولاية القابل عامة وقرية المضيرب خاصة للاطلاع واستكشاف مواقعها السياحية والأثرية، ولا تنسوا وأنتم تتجولون في شوارعها وتتسلقون جبالها وتدخلون أبراجها وتشاهدون جيادها ومعالمها وتستنشقون هواءها الممتزج بعبق التاريخ بين حاراتها وبساتينها المنتشية بروائح الياسمين وسيمفونية خرير ماء أفلاجها المتدفقة عبر سواقي النخيل أن تضعوا عدسة كاميرات التصوير في وضع التشغيل لتوثيق زيارتكم، حتى لا تأسفوا بعد مغادرتكم.
ختامًا بكل التقدير نقدم الدعوة للجهات المعنية بالآثار والسياحة والمجلس البلدي لوضع ولاية القابل ممثلة في “قطاع السياحة” في جدول أعمالها.
والدعوة ممدودة لمؤسسات القطاع الخاص، وعلى رأسها غرفة تجارة وصناعة عمان لوضع الولاية على خارطة فرص الاستثمار.
والدعوة موصولة لشركات السياحة لوضع الولاية على الخارطة السياحية كوجهة سياحية محلية وإقليمية وعالمية.
متطلعين إلى أن يحظى هذا الموضوع بالاهتمام الذي يستحقه.. والله ولي التوفيق،،،