اليوم العالمي للخضريين
محمد علي البدوي
تخوض مجموعات النباتيين حول العالم وخاصة في أوروبا والولايات المتحدة معارك ضارية لمحاولة فرض وجهة نظرهم حول قضيتهم التي يناضلون من أجلها.
بداية لا بد من توضيح الفروق بين طوائف هذه المجموعات:
النباتيين لديهم شيء بسيط من التساهل في تناول بعض المنتجات الناتجة من الحيوان؛ مثل الجبن والألبان، وهم من يطلق عليهم (البيجن).
وهناك النباتي المرن؛ وهو الشخص الذي يعتمد على النظام النباتي في نظامه الغذائي في غذائه، وفي بعض الأحيان يلجأ إلى تناول اللحوم بشكل بسيط جدا.
أما (الخضريين) فهم المجموعات الأكثر تشددًا، مرددين بأن النظام النباتي الغير مخترق هو الوحيد القادر على إعادة الحياة إلى سابق عهدها، وسيقلل الإنبعاث الحراري، وسيرفع من الضغط على الأراضي الزراعية التي تستخدم لإنتاج الغذاء للحيوان، كما سيقلل من نسبة الأمراض التي تسببها الحيوانات أو التي تنقلها للإنسان بنسبة ٣٥٪، كما ستساعد على زيادة نسبة الأراضي الزراعية التي هي في شح متزايد، بينما يرى معظم العلماء أن الإمتناع عن تناول اللحوم أو منتجات الحيوان قد يؤدي إلى بعض المشاكل الصحية التي من الممكن أن تتفاقم وتصبح أزمة.
ويسارع النباتيون في الرد على الأطباء والعلماء بأن النبات يوفر كافة العناصر الغذائية التي يحتاجها جسم الإنسان خاصة الفيتامين والمعادن، وأن النبات والفاكهة ليس لهما آثار جانبية تذكر، بينما تناول اللحوم له آثار خطيرة على الصحة ويسبب العديد من الأمراض، ويقولون أيضًا أن دراسات علمية أثبتت أن الشخص النباتي يعيش فترة أطول، بالإضافة إلى كونه أقل عرضة للأمراض المزمنة. كما أن دراسة حديثة أظهرت أن النظام النباتي يحافظ على صحة القلب ويخفض من أمراض الشرايين.
ويردد الخضريين أن نظامهم الغذائي يحافظ على البيئة، ويمنع من تفاقم مشاكل المناخ التي من وجهة نظرهم تحولت إلى كارثة تهدد الأرض بسبب تجاهل الحكومات لدعواتهم المتكررة بالتوقف عن أكل الحيوانات بكل أنواعها بما فيها الدواجن والطيور.
علماء الأديان لم يقفوا صامتين وكان لهم دور في النقاش الحاد الدائر، فأشاروا إلى أن الأديان لم تمنع من تناول اللحوم إلا في حدود وأوقات وظروف محددة، أما المنع على الإطلاق فلم تعرفه الشرائع المختلفة.
في بعض المجتمعات يرمز إلى تناول اللحوم بالغني وأن استهلاكها بشدة يؤدي إلى التلوث البيئي، ويري البعض أن الإستمرار في تناولها بشكل متزايد خاصة بعدما ابتدع الإنسان منتجات متنوعة من مخرجات اللحوم بمسميات أصبحت ذات شهرة عالمية؛ يؤدي إلى استنزاف هائل للموارد ورفع معدلات التلوث، وأن التوسع في بناء حقول تربية الماشية أدى إلى زيادة إنتاج الغازات التي تسبب الاحتباس الحراري.
جماعات الخضريين تضغط على الحكومات بشكل كبير، واستطاعت أن تنتزع دعوة رسمية للمشاركة في قمة شرم الشيخ للمناخ؛ مما يؤكد من تزايد نفوذها وأعداد المنتمين إليها.
الخضريين شغلوا أنفسهم بخوض المعارك ضد الحكومات والأطراف ذات الصلة، بينما تجاهلوا التواصل الفكري مع الشعوب لشرح وجهة نظرهم، أما المواطنين فقد انصرفوا عن الأحزاب التقليدية الكلاسيكية، ووجدوا في أحزاب الخضر مجرد بديل مؤقت؛ وبذلك تزايد الإهتمام بالخضر موقتًا وليس كما يظنون أن أعداد المنتمين إليهم تتزايد بسبب الإقتناع التام بأفكارهم.
بشكل عام، العالم كله أصبح مشغولًا بشكل كبير بقضية المناخ والبيئة، وصارت الدول الصناعية الكبرى تعلم أنها السبب الرئيسي في الإنبعاثات الضارة التي أسهمت في تحول المناخ وتغير شكل الأرض.
المشكلة ليست في أكل اللحوم من عدمه فهناك من لا يأكلونها بتاتًا، ولكن بسبب الفقر والعوز وعدم المقدرة على دفع ثمنها، وهؤلاء هم من يجب الإشارة إليهم ومراعاتهم وحل مشاكلهم، وهناك مشاكل الكوكب التي لا تنتهي وتعصف بالفقير (دولًا وأفرادا).
في النهاية سيبقى تناول اللحوم غريزة أساسية لدى الإنسان، وما علينا لتجنب أضرارها سوي التقليل منها بقدر الإمكان، ونشر ثقافة تناول الخضر والفاكهة خاصة بين أطفالنا الصغار، وتغيير طرق الطهي التقليدية التي ينفر منها صغار السن حتى يقبلوا على تناول الخضار والفواكة.
حفظ الله شعوبنا العربية