الصدمة القاتلة، من كتاب : أتيتُ من المستحيل
محمد الشهيمي
– الجزء الثاني
كل ذلك- أي ما جاء بالجزء الأول- هو مقدمة بسيطة للصدمة القادمة..
أما الآن سوف أخبركم ما قصّهُ لي ذلك الرجل الغريب.. وعلى لسانه.
لدي صديق اسمه أحمد، توفي قبل 5 أشهر.. ولكن كان هذا الشخص غريب؛ فهو يتنبأ بالمستقبل، ولكن بالمستقبل القريب…!
(( حقيقة:
أثبتت الدراسات في علم النفس البارسيكولوجي أنّ كل شخص لديه ملكة تسمى الحاسة السادسة يمكنه من خلالها التنبؤ بأحداث المستقبل، وتختلف قوة تلك الملكة والحاسة من شخص لآخر حسب صفاء الذهن ونقاء السريرة واعتدال المزاج.
ويمكن التنبؤ بالمستقبل من خلال استشعار قدرات الحيوان وأحاسيسه؛ حيث أثبت العلم الحديث أن الحيوان لديه قدرة خارقة على استشعار الحوادث قبل حدوثها، كالزلازل والبراكين والأعاصير، بل يذهب البعض إلى أكثر من ذلك في شعور الحيوانات بوفاة أصحابها من البشر)).
فمثلاً يقول لي سوف تسقط صخرة من الجبل بعد قليل.. وما هي إلا لحظات وتسقط!
فلديه قوة خارقة رحمه الله.
وفي ذات يوم ذهبنا أنا وأحمد في سيارتي نتجول بين أرجاء المدينة، ونحن في الطريق قال لي؛ قريبًا سوف أذهب إلى مكان ما، فقلت له سوف نذهب معًا، فقال لا أنت لا تذهب معي وأنا لا أعلم أين هذا المكان.. صمتُ قليلًا .. ثم نظرت إليه فرأيته شارد الذهن، فقلت له سوف نتوقف عند مطعم للعصائر بعد قليل، ولكن للأسف لا يوجد مواقف في جانبه، فركنت السيارة على الرصيف ثم ذهبت إلى المطعم أطلب العصائر. ما هي إلا لحظات وسمعت دوي اصطدام.. خرجت من المطعم لأرى سيارتي قد انقسمت نصفين..
ذهبت أبحث عن أحمد لأرى ماذا حصل له.. فرأيت الدماء تسيل في كل أرجاء الشارع ومن الصدمة أغمي عليّ.
نهضت لأرى نفسي في المستشفى فسألت بأعلى صوتي ماذا حصل لأحمد.. فرد علي أحدهم لا تقلق اهدأ .. طلبت أن أخرج وأنا أسأل عن أحمد، ولكن الإجابة الصادمة بأن خالد توفي.. من هو خالد ؟! أنا أبحث عن أحمد..
قاطعت حديثه هنا، فقلت له من الممكن بأن يكون خالد هو صاحب السيارة الأخرى.. فقال كلا. أنني متأكد بأن أحمد صديقي توفي في الحادث.. وهل رأيته بعدها..
لا لم يكن الأمر كذلك.. فالحقيقة أحمد توفي بالفعل.. ولم أعد أراه، ولكن من هو خالد؟!
وللعلم السيارة التي صدمت سيارتي كان صاحبها غائب عن الوعي بسبب تناوله للكحول.. ولم يكن اسمه خالد أنا على يقين من ذلك..
والجميع بدأ يُعزيني ويُواسيني في وفاة خالد..
ولكني لا أعلم من هو خالد.. هل هو من الجن، ربما؟!
ولكن لا يُعقل؛ لأنني متأكد كان أحمد بجانبي..
فقلت له غريبًا حقًا.. هل أنت متزوج؟!
فأجابني بالرفض وقال لي بأنه يفكر في الزواج بعد أن تنتهي هذه المشكلة..
نظرت إليه وأنا في حيرةٍ من أمري.. فقلت له سوف أتركك الآن وسوف أتواصل معك عبر رقمي الخاص لأحاول مساعدتك..
نظر إليَّ بحزن شديد، وكأنه يتوسل إليَّ بمساعدته..
وبابتسامه يملؤها الشك في عقله.. ثم توجهت إلى سيارتي..
قبل أن أدير المحرك نظرت باتجاه هذا الشاب، وكل منا لديه أمل في إيجاد تفسير منطقي لهذه الحادثة..
وفي طريقي إلى منزلي، أفكاري متشتتة وعقلي بدأ وكأنني دخلت في غموض..
لم أعتاد على هذه المواقف إلا في حالات نادرة جدًا..
في هذه الحالات تُربط المواقف كلها في بعضها..
وكأنك تبحث في علم التحقيقات الجنائية العلمية و علم النفس..
(( معلومة: هناك فرق بين علم التحقيقات الجنائية العلمية والعملية؛ فالتحقيقات الجنائية العملية: هو الذي يدرس الوسائل العلمية للكشف عن الجريمة والمجرمين، كمعاينة مكان الجريمة، والبحث عن الآثار التي تركها المجرم في مسرح الجريمة، وتصوير الجثة، وتفتيش المنازل، وضبط الأشخاص، ومصادرة الأشياء، واستجواب المشتبه بهم، وسماع أقوال الشهود.
أما التحقيقات الجنائية العلمية: يدرس القواعد التي أساسها الأبحاث العلمية والتجارب الفنية التي يمكن تطبيقها، لاكتشاف حقيقة الحوادث الجنائية والاهتداء إلى مرتكبيها، كتحليل الآثار التي تنتج من الجريمة)).
وبعد وصولي أخيرًا..
تركت هذا الموضوع على جنب.. أو بالأصح تركته حتى أستعيد قواي العقلية وتركيزي مجددًا..
وفي اليوم الثاني وقبل أن أتصفح هاتفي لا بد بأن أضع النقاط المهمة لموضوع محمد و صديقه أحمد.. والرجل الغريب خالد..
وضعت افتراضيات وتحليل كعادتي، وغالبًا ما تكون صحيحة عندما يتعلق الأمر بالنصائح وتطوير الذات وحل المشاكل الاجتماعية.. وهذا ما يتعلق بالمرحلة الأولى علم النفس..
أمسكت بهاتفي واتجهت مباشرةً إلى حساب محمد، ولكن هذه المرة ليست كالمرة السابقة، هذه المرة بتركيز شديد ودقيق.. وكما تحدثت سابقًا لتحليل كل شيء يتعلق بهذا الشخص وهذه المرحلة الثانية وهي علم التحقيقات الجنائية..
للعلم لا أحب علم التحقيقات الجنائية كثيرًا، لأنها غالبًا ما ترتبط بمجرمين..
وكالعادة وأنا أتصفح الحساب رأيت أدعيه لصديقه.. و الصور التي تجمعه بصديقه والذي أدعى بأن اسمه أحمد لعلي أرى الحقيقة.. وفجأة توقفت.. لقد لاحظت أمرًا مهمًا للغاية..
آخر صورة وضعها محمد مع صديقه خالد كانت قبل سنة تقريبًا من الآن.. والأدعية التي صاحبت حالة وفاة صديقه أحمد بدأت من قبل سنة أيضًا..
إذًا كما توقعت سابقًا.. الذي كان في السيارة معه ليس أحمد.. أنما خالد..
تدور أفكار في رأسي أتمنى بأن تكون خاطئة..
وأنا أتصفح حسابه.. المفاجأة التي صعقتني..
ولكن لحظة؛ يجب علي التأكد أولاً..
أدخلت رقم هاتف محمد في كاشف الأرقام الذي ينتشر حاليًا في معظم الهواتف الذكية تقريبًا..
هنا غلبت عليّ مشاعري، حقًا لم يكن الموقف بتلك السهولة..
أكتشفت من هو خالد..
لا أستطيع أن أخفي مشاعري في تلك اللحظة.. ربما كما تعودت دائمًا على العزلة، لأبقي تلك المشاعر في تلك الغرفة وأخرج بعقلي فقط..
اتصلت بمحمد وأخبرته بأنني أود لقائه اليوم.. وفي نفس التوقيت والمكان..
من هو خالد؟ وماذا اكتشفت في قصة محمد؟
تابعوا الجزء الأخير لتعرفوا كل هذا..