حِـسْبة مُـواطِن_٢_ب (التّعليم)
فؤاد آلبوسعيدي
يقول سقراط: ” كيف أُعلّمه وهو لا يحبّني؟”..
إنّ تحبيب النّفس وخصوصاً في سنوات العمر المبكّرة إلى أيّ شأنٍ من الشؤون قد يجعل الشخص يُقبل على ذلك الشأن وهو مملوءاً بأقصى درجات الحبّ والتّودد والشّغف إلى ذلك الشأن حتى وإن صعباً أو يخالف الأفكار؛ في واقعنا المُرّ لا زلنا نجد بأنّ الأمر نوعاً ما مختلف فيما يخصّ نظامنا التعليمي الذي وعلى الرغم من السنين الطّوال إلاّ أن بعض الجوانب لا زالت كما هي ودونما أن نشاهد أيّ تطويرٍ كبير يمكن النّصفيق له؛ إنّ القلوب تضيق بالحزن عندما نتذّكر بأنّ قطاع التعليم ينال ويقع منذ سنين وعقود ضمن المراتب الثلاث الأولى بين قطاعات الجهاز الإداري في وطننا عُمان عندما يتعلّق الأمر بنفقات الميزانية العامة للدولة..، تختنق أنفاسنا عندما نكتشف بأنّه على الرّغم من ارتفاع مخصّصات قطاع التّعليم إلاّ أنّه ما زال البنين والبنات من الطلبة في المدارس يعانون مُرّاً من وسائل النقل بين المدرسة والمسكن؛ الواقع نشاهد فيه الكثير من فلذّات الأكباد يعانون من الأكتظاظ في وسائل النقل وإن لم تكن المعاناة هي في الإكتظاظ فهي قد تكون في وجود الأعطالِ أو في عدم توفّر وسائل التهوية والتكييف المناسبة في بعض الحافلات المدرسية؛ أحياناً نُرغم على الإستغراب والإستنكار فيما يخصّ الوضع الذي يتكرّر في كلّ عامٍ دراسيّ ألا وهو سوء التنظيم الذي يتسبّب في كثير من الأحيان إلى الحوادث الأليمة التي تمسّ فلذّات أكبادنا عند الإنتقال من المدرسة والبيت والعكس؛ يتكرّر استغراب المواطن عندما يسمع ويشاهد مقدار النّقص المتكرّر في عدد الحافلات المدرسية بحيث أنّه في حالات كثيرة يحدث أن نشاهد أمام أعيننا انعدام النسبة والتناسب بين الحافلة الواحدة والعدد المصرّح من الرّكاب الطّلبة فيها، الأوضاع الغير سارّة تعزّز وتغرس في عقولنا مدى سوء الأوضاع حول ما يقاسيه هؤلاء الصّغار في تلك الحافلات وهو أيضاً يعزّز استنكارنا لما يحدث بل ويجبرنا إلى أن نسأل قمة الهرم في قطاع التعليم..
-أين هي الرقابة في تطبيق شروط وبنود العقود المتعلّقة بوسائل نقل طلبة المدارس الحكومية؟
-ألم تستطيعوا معالجة وإيجاد حلول لمشاكل الحافلات التي تتكرّر في كلّ عام خلال الإجازة الصّيفية الطويلة؟
-هل تذهب مخصّصات بنود الموازنة الخاصة بنقل طلبة المدارس الحكومية إلى حافلات مدرسيةٍ قديمة ومهترئة قد مضى عليهن سنوات طويلة في الخدمة؟
الواقع مرّ عندما نشاهد وجود صعوبات الفهم لدى الطلبة الصّغار في المرحلة الإبتدائية؛ نشاهد ونسمع مدى السّوء الذي يعاصر فلذات الأبناء وهم بعيدون كلّ عن استيعاب المنهج الدراسي في بعض المواد والدروس بسبب الكثافة فيما يعطون من حصص في اليوم وأحياناً بسبب عدم كفاية الوقت لشرح وتبسيط الدّروس وأحياناً كذلك بسبب كثرة عمليّات الحشو الزّائدة في دروس تفوق عقليّات هؤلاء الطلبة الصّغار؛ نرى واقع التّعليم مُرّاً في حاضر هذا الزّمان عندما نقارن ما بين تلك المناهج السلسلة التي كانت في كتبنا نحن ألآباء والأمهات وهي كانت في مستوى قدراتنا الفهمية والإستيعابية وبين هذه المناهج التي نراها في مناهج فلذّات أكبادنا؛ نراه مُرّاً عندما نسمع بين الحين والحين من يتحدثّ ويذكر عن تلك الكتب المدرسية الكثيرة التي يحملها الطالب (كتبٌ ثقيلة وسطورٌ شحيحة)؛ قد أثقلتم على طالب العلم الذي في كثير من الأحيان لا ينفعه المكتوب في أوراق تلك الكتب وأمّا نحن الآباء والأمهات فلقد أضحينا نوجّه الكثير من الأسئلة إلى من في قمّة الهرم التعليمي وذلك الذي يرأس المناهج..
-هل هذا هو التّطور في المناهج الذي كنّا نتوقه لأبناؤنا في المدارس؟
-هل من الصّعوبة عليكم مراجعة وتصويب ما يحدث أمام أعينكم من استنكار وعدم رضى فيما يخصّ المناهج التعليمية؟
حِـسْبة المواطن وهو يشاهد ما يمرّ في يوميّات ولحظات طُلّاب العلم في المدارس يغلب فيها طايع السّلبية الذي سيختفي حتماً وذلك لـوجود بعض التفاؤل في حدوث التّغيير المطلوب الذي سيفيد كلّ من له علاقة بالمدارس من طلاب العلم والهيئات التدريسية والإداريين وغيرهم؛ حِـسْبة المواطن تشير إلى أنّ الواقع مرّ وسيظلّ مُرّاً كذلك إذا لم يتمّ تدارك بعض الكثير من الأمور السّلبية الواضحة للعيان؛ المشاق التي يواجهها طالب العلم في مدارس هذا الوطن ستستمرّ كما هي مُرّة ولا تسرّ الحال إذا لم يقم بتصويبها من إاتمنه سلطان البلاد وكلّفه بتسيير وتنظيم أمور وشؤون التعليم، فهو من يقع على عاتقه وضع القواعد التربوية ومراقبة المناهج العلمية وطباعة الكتب المدرسية التي أصبحت تصل متأخرة إلى يد الطالب؛ هو من يقع في عاتقه توفير الكادر التدريسي الكامل والمناسب لكلّ مدرسة حسب احتياجاتها ودونما نقصٍ أو تأخير مثلما يحدث في هذه الأيّام؛ هو المُكلّف الذي يقع في عاتقه كلّ ما يتعلّق باستراتيجيات التّطوير المدرسي التي ض ينمو معها طالب العلم ليكون بعدها زرعاً مثمراً ومواطناً شامخاً بعلمه يكون أساساً في عملية بناء هذا هذا الوطن الغالي.
الحديث حول الّتعليم وشؤونه التي تخصّ فلذّات أكبادنا بطريقة مباشرة قد يطول كثيراً علينا لكثرة المطالب والرّغبات والأمنيات التي تقودنا إلى أنْ نتذكّر ما قاله أمير الشعراء أحمد شوقي..
وما نـيل الـمـطـالب بالتمنـي
ولـكن تــؤخـذ الـدنـيا غلابـا
وما استعـصى على قومِ منالٌ
إذا الإقـدام كـــان لــهـم ركابا
فمن هنا قد نجد بأنّ الإنتقاد ربّما هو وسيلة من وسائل نيل وتحقيق تلك المطالب والأمور المستعصية التي قد تُضيق علينا الحياة؛ إذاً فليس على الشخص الذي يُوجّه إليه الإنتقاد أن يغضب أو أن يتضايق ففي النهاية الهدف واحد وهو البحث عن الأفضل للجميع؛ ننتقد لأنّنا نبحث عن العدالة التي نريدها أن تسود الجميع من حولنا.
(أحياناً العدالة لا نطلبها من أجلنا ولكن قد نريد أن نراها تصل لغيرنا أولاً وثمّ لكي تصل كذلك إلينا بصورة نرضاها وقد حققنا ما كنّا نصبو إليه، إنّه من العدالة أن نوصل الفكرةَ سليمة وتامّة إلى بعض العقول وذلك قبل أن ينجرّ ويستبق أحدهم فيصدر الأحكام المستبدّة والغليظة في وصفها والغير لائقة علينا).
إقتباسة من مقالة: حِـسْبة مُواطن_١/فؤاد آلبوسعيدي.
نحن مجتمع متفاؤل محبٌّ للتّحديات و الغالب منّا ملمّون بالجهود التي تقوم بها الجهات المختصة بالتربية والتعليم في هذا الوطن العزيز؛ نحن مؤمنون بوجود عمليات لتطوير التعليم الذي أكّده ووعد به قائدنا الذي قال في أول خطاب رسمي له في بدية العهد الجديد..
(إنّ الإهتمام بقطاع التّعليم بمختلف أنواعه ومستوياته وتوفير البيئة الداعمة والمحفّزة للبحث والإبتكار سوف يكون في سلّم أوّلوياتنا الوطنية وسنمدّه بكافة أسباب التّمكين _جلالة السلطان هيثم بن طارق).
وفّق الله القيادة الحكيمة وسدّد خطاها في كلّ ما يخصّ الجانب التعليمي لأبناء هذا الوطن الذين هم العنصر الأهم للمحافظة على المُنجزات العظيمة التي تحقّقت سابقاً وهم كذلك الأساس في عمليّة بناء مستقبل زاهر في أرض عُمان من شمالها إلى جنوبها.