السماء تمنحك امتيازات أكثر
شريفة بنت راشد القطيطية
السماء لا تلتقطك حين تنام في وهم وتصحو على قلق، وتشهد دواخلك بعدم القدرة لامتطاء العجز الذي يطوقك، ولا ترمي أفكارك السيئة في الوحل، ولا تترك متسعا للتألق لذاتك الخجلى من رضوخ عارم واستسلام بارع، السماء لا دخل لها بعافيتك الملقاة على قارعة الطريق، هي فقط تشد على يدك تأمرك بالحراك المثمر، تطلق لك العنان مترامي الأطراف لتكن أول المجتهدين من هزائم عدة، واستحداثك للوقت طريقك لاستثمار الحياة على خير وجهة وأجمل استحقاق، الفضاء متسع لأحلامك وأفكارك واطلاعك وإطلالتك تستحق العمل عليها، نحن لم نخلق للعبث بالروح وفشلها وفرعنة الأيام عليها، نحن نتخذ القرار ونتحدى ونصل ونحن من نأمر الوقت أن يحضر لنا كأس الحليب إلى الفراش، فلا نضيع الوقت لإعداد الفراش لكأس الحليب، المعادلة تقاس بالثواني التي لن نفقدها لمجرد صنع شيء للا شيء .
السماء لن تعصف لتغير حياتك، لك أنت أن تغير ما تشاء بإرادتك وطموحك وجالية أفكارك التي تتجمع حول مائدتك كل مساء، لك برتيبها وجدولتها وصياغة عناصرها الملقاة على كتفيك، أتينا مغتربين لهذه الحياة نبحث عن السطوع ولن نسطع، وباشرنا التحامل على بعضنا بعضا والحقد والكراهية بينما أتينا للتعمير والتوحيد والحكمة، وسنظل نطالب العمر أن يستمر ويخدش حياء الوقت لينمو على جنبات الطريق ويزهر، ونأمره أن يبطىء، ولا يشد همام السفر، وألا ينتظر غريبا يأخذ أفكاره ويسرق جهده، السماء ترسل لك العظمة، وتمجد احتوائك على كميات كثيرة من الصلابة والتحمل، وتغسل يديك المتسختين من مصافحة الوهم، وتأمرك بتكملة الواقع ومحاربة الذل، فواقعنا هو الحقيقة الراسخة التي أمرنا الله أن نرضى بها، واقعنا هو ثباتنا وحرياتنا واختصار وجودنا لنثبت لأنفسنا التغلب على السلبيات.
السماء وطنك وحريتك وأحلامك التي تكتظ بالهبات والأمنيات، عالمك الآتي إليك بكل رحابة صدر، خوافٍ أعظم من أن تقود يأسك لسهرة تحت المطر وعوالق مرادك هائمة تحت مظلة، ألست جادا في إطالة طموحك ووصولها لفضاء زاخر وسخي، يعلمك حروف الهجاء على وجه القمر ويعدك أستاذ فلسفة مقتدرا؟
السماء غاية في الحسن لا تطلب منك شهادة للعمر واستفسارا لعلم، ولا تخلد في حجرها لتنام، ولا تنام دون رحيقها الذي يمول قلبك بالعطاء والصبر والشكر، والاستعداد لصباح يفتح ذراعيه لتقبيل الحسنى الٱتية من الشرق بأبهى حلة، وينثر الأرزاق على بساط القناعة في كنف الرضا، وليأتِ التمني على حسب ذوقك ومقدرتك لتلقى وضعك المستلقى بين شدة ويسر، وبين جميل وقبيح، وأريد ولا أريد، هنا يستوطن نفسك الهدوء والانعطاف يمينا لبدأ مرافقة عقارب الساعة، نمشي معنا ونقضي أوقاتا ماتعة.