2024
Adsense
مقالات صحفية

السلوك والعلم زواج لا يعتريه طلاق!

عبد الله بن حمد الغافري
‏Alssedq@hotmail. com

الحمد لله رب العالمين خلق الإنسان وعلمه البيان، والصلاة والسلام على خير المعلمين وإمام السالكين وعلى آله وصحبه أجمعين
.
كثيراً ما يتحدث المنظرون والمربون عن السلوك الإنساني، وطريقة التعامل مع المواقف المختلفة في الحياة، وكيفية تحليلها والنظرة إليها، وصنوف ردود الأفعال تجاهها.

وقد قيل: لكل فعل ردة فعل مساو لها في المقدار ومضاد لها في الاتجاه، ولكن أقول: لا يشترط أن يكون مضادا لها في الاتجاه!! فقد ينجرف من ينجرف مع الزوابع العالمية فالصاحب ساحب والكلمة السلبية والإعلام الكاذب قد يصدقه من يصدقه فينبغي التفطن لذلك!

ولا شك أن المعرفة من أهم موجهات السلوك وهي أيقونة الأخلاق، فبقدر العلم والحفظ يكون السلوك الإيجابي من عدمه!
والأمة التي تريد من أفرادها أن يكونوا صالحين مخلصين محبين لأوطانهم نافعين لمجتمعهم محافظين على المنجزات والمنافع العامة، لا بد من تزويدهم بالمعرفة الإيجابية الدافعة للخير.

يقول الله تعالى:{ ٱلرَّحۡمَـٰنُ (١) عَلَّمَ ٱلۡقُرۡءَانَ (٢) خَلَقَ ٱلۡإِنسَـٰنَ (٣) عَلَّمَهُ ٱلۡبَیَانَ (٤) }
[سُورَةُ الرَّحۡمَٰن: ١-٤]

ففي هذه الآيات الكريمة يذكرنا الله تعالى أنه علم القرآن قبل خلق الإنسان وذلك ببيان المنهج الذي يجب أن يسلكه هذا الإنسان في حياته، فكما خلق الله للجنين رجلين ويدين وعينين وأذنين وحواس أخرى هو لا يحتاجها في رحم أمه ولكنه سيحتاجها عند خروجه لهذه الحياة ببيئتها الجديدة المختلفة كليا عن الرحم!! فالخالق بعلمه هيأ الجنين بما سيحتاجه في مستقبل حياته!
وعند هذا تظهر أهمية المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه، ولا بد من دراسة الحياة الإيجابية والطمأنينة النفسية، والتي يضمنها الخالق سبحانه لعباده المتبعين منهجه الشريف؛ حتى لا يتردي العباد ولا يهلكون بل يسعدون ويبتهجون ويحيون متفائلين بالخير ساعين لتحقيقه مجتنبين الشرور والآثام؛ حتى يلقوا الله تعالى بنفوسٍ راضية وأعمالٍ صالحة.

والمعرفة التي تولد سلوكا وعملا مطلوبة في كل المجالات.
يقول الله تعالى :
{ ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلَّذِی خَلَقَ (١) خَلَقَ ٱلۡإِنسَـٰنَ مِنۡ عَلَقٍ (٢) ٱقۡرَأۡ وَرَبُّكَ ٱلۡأَكۡرَمُ (٣) ٱلَّذِی عَلَّمَ بِٱلۡقَلَمِ (٤) عَلَّمَ ٱلۡإِنسَـٰنَ مَا لَمۡ یَعۡلَمۡ (٥)}
[سُورَةُ العَلَقِ: ١-٥] فهذه الآيات تبين أهمية القراءة والعلم في حياة الإنسان فهي أعمق في توجيه الإنسان..

فإذا أردنا عالما في الطب فلا بد من التعمق في تعليمه للطب والقراءة فيه، وإذا أردنا مهندساً فبنفس المنوال وهكذا مع سائر العلوم، وبهذا يمكننا تخريج عالم في مجاله!.
هذا بالنسبة للعلوم التطبيقية الاحترافية.

ولا يقل الأمر أهميةً في العلوم الإنسانية المتعلقة بالإيمانيات والأخلاق، بل تزيد وأكثر وهي الأخطر أثراً في المجتمع، فإلى جانب المعرفة والتعليم يجب أن يصاحبها سلوك الترغيب والترهيب من المعلم وسلوك القدوة العملية التي يكون أثرها أشبه بالسحر الحلال لتقويم السلوك!
فالعلوم الإنسانية وما يتعلق بالدين والأخلاق وعلم الاجتماع والمعاملات أعمق أثراً في حياة البشر؛ لذلك ينبغي أن يجند لها أذكى الناس وأعلمهم كي يسبروا أغوار كنوزها، ويخرجوها للناس في مادة سهلة وطبق ذهبي يروون بها عطشهم.

ومن الإجحاف القهري أن تتصرف الجهات التربوية والتعليمية مع التلميذ في سائر الدول والمنظمات بطريقة مادية بحتة لا روح فيها ولا حياة، فتضيع الهوية الإيمانية، ويضمحل التواصل الروحي بين الإنسان وخالقه وبين الإنسان ونفسه أو مجتمعه أو عالمه المحيط فيموت وازع الإيمان وقد يلقي بنفسه في التهلكة لجهله!

أو ربنا لا يقدّر مجتمعه ولا يحترم أمته فلا يفرح لفرحها ولا يحزن لحزنها ولا يهمه أمرها، وفي الحديث الذي يرويه أبو ذر الغفاري رضي الله عنه :(من لم يهتم لأمر المسلمين فليس منهم)

وكذلك بالنسبة للعالم من حوله من بشر وحيوانات ونباتات وجميع المخلوقات حتى الجمادات واجب هذا الإنسان أن يتعامل معها بإيجابية لأنها من أساسيات بقاء الكون وصلاح البيئة التي يحيا عليها هذا الإنسان!.

لماذا يخاف الناس اليوم من نشوب حرب نووية!؟؟ لأنها ببساطة ستفني هذا الإنسان بدمار البيئة التي كان الواجب أن نحافظ عليها جميعاً!

إذن تظهر هنا أهمية العلم في كل شيء وعلاقته بالسلوك تجاه ما حولنا من البشر والدواب والشجر وحتى الحجر.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights